الكتابة طريقك للنجاح


الكتابة طريقك للنجاح..بقلم محمود سلامة الهايشة


دائمًا يقول ويكتب خبراء التنمية البشرية والذاتية عبر محاضراتهم وندواتهم:
إن الكتابة إحدى الوسائل المهمة للتعلم الجيد الذي يصل بالإنسان إلى النجاح، وإن الدراسة تشتمل على نشاطين رئيسيين، هما: "القراءة، والكتابة"، فلا يمكن الاعتماد على نشاط دون الآخر.

والكتابة لا تقتصر على كتابة الأهداف العامة والخاصة للإنسان، بل تدوين كل ما هو مفيد أو إيجابي، أو من الممكن أن يحتاج إليه الإنسان في حياته القادمة، وتطبيقًا لتلك القاعدة؛ فقد قمت أثناء حضوري لمناقشة رسالة ماجستير في كلية التربية النوعية جامعة المنصورة، وذلك في بداية شهر ديسمبر 2013، عن: "استخدام المؤثرات السياسية والاجتماعية كمدخل تشكيلي لفن النحت المصري الحديث والمعاصر"، بتدوين أهم الملاحظات التي بيَّنها وأظهرها المحكَّم والمناقِش الرئيسي والخارجي للرسالة؛ وذلك لكي أضعها في اعتباري، بما أني من محبي العلم والتعلُّم، كذلك كي تَصقُلَني كباحث، فمناهج البحث العلمي وقواعده لن تختلف من علم إلى علم، فالاختلافات دائمًا تظهر في الشكل، وليس المضمون، وسوف أقوم بذكر تلك النقاط الهامة، مع ربطها بأشياء حدثت لي بالفعل خلال دراستي للماجستير في العلوم الزراعية، وهي كالتالي:
 لا يوجد في الرسائل العلمية إهداء، بل يوجد كلمة شكر وتقدير (ويطلق عليها في الرسائل التي تكتب بالإنجليزية Acknowledgements) لمن ساعد الباحث في إنجاز عمله لإنهاء هذه الرسالة العلمية؛ حيث كان الباحث مخصِّصًا صفحة في بداية الرسالة كإهداء بخلاف صفحة الشكر والتقدير، فلم يُقِر المحكَّم ذلك؛ حيث لا يوجد بالرسائل العلمية سواء الماجستير أو الدكتوراه إهداء، بل من الممكن وضع فقرة لشكر الأسرة والإخوة والأصدقاء في الجزء المخصص للشكر والتقدير، فهم أيضًا ساعدوا الباحث أو الباحثة، حتى ولو لم تكن المساعدة علمية، ولكن كانت بالحث والدفع المعنوي نحو تحقيق وإنجاز هذا العمل العلمي الشاق والمجهِد، وهذا يذكرني بما حدث لي منذ 11 عامًا بالضبط؛ أي: في ديسمبر 2002، عندما كنت أُطْلِع مشرفي الرئيسي على النسخة النهائية من رسالة الماجستير، وذلك بعد مناقشتها؛ وذلك حتى يأذن لي بطباعتها وتجليدها، لإيداعها بمكتب الكلية، وكذلك حتى يتم منحي الدرجة العلمية من القسم العلمي، ثم من مجلس الكلية، ثم من مجلس الجامعة، وقد دار نقاش طويل بيني وبينه بسبب مشاهدته لصفحة الإهداء التي وضعْتُها بعد غلاف الرسالة العربي؛ حيث كانت كلمة الإهداء باللغة العربية، والرسالة كلها بالإنجليزية، أي: إن كعب الرسالة يكون جهة اليسار مثلها في ذلك مثل الكتب الأجنبية، إلا أن لوائح الكليات العلمية في مصر تطلب من الطلاب والباحثين في مرحلة الدراسات العليا - ماجستير ودكتوراه - بأن يخصصوا جزءًا أو قسمًا في نهاية الرسالة للملخَّص العربي، ويوضع عكس باقي الرسالة المكتوب بالإنجليزية، المهم أن المشرف رفض - كعادة السُّلْطَوية - وضعي لهذا الإهداء بدون تبرير أو توضيح: لماذا سأُلغي الإهداء من الرسالة؟ دار في عقلي عشراتُ الأسئلة في أقل من ثوانٍ معدودة، لماذا وكيف أُلغي هذا الإهداء وأسرتي وإخوتي قد بذلوا جهدًا كبيرًا معي؟ لدرجة أن أخي الأول كان يأتي معي لمزرعة الكلية؛ لكي يساعدني في تجربتي العملية، بل وقد حضرَتْ أمي وأشقائي آخر يوم من أيام التجربة، وهو يوم ذبح حيوانات التجربة؛ لأخذ قياسات الذبيحة، وعيِّنات منها للتحليل، إذا كانت مساعدة الأسرة لي لم تتوقف على المساعدة المعنوية أو العينية، بل المساعدة الفعلية باليد والجهد والعرق، فهل بعد كل هذا لا أضع أسماءهم في إهداء على الرسالة؟! لماذا أحذف الإهداء، وقد اطَّلعت على العديد من الرسائل العلمية، في مكتبة الكلية، وبها هذا الإهداء؟! فلو كان الإهداء خطأ، فلماذا لم يطلب منهم مشرفوهم عدم وضعه برسائلهم؟! ولماذا، ولماذا؟! وفي النهاية قررت أن أجيبه: "حاضر يا دكتور، سوف أحذف صفحة الإهداء"، ولكني ومن باب عدم اقتناعي بما قال؛ حيث لم أجد مبررًا مقنعًا لذلك، ومن باب العند؛ فقد جاءتني فكرة وأنا ما زلت أقف بجواره، ونسخة الرسالة أمامه على مكتبه، أن أقوم بطباعة نسخ المشرفين والمحكمين بلا إهداء، وباقي النسخ الأخرى فيها الإهداء، وبعد هذا القرار هدأْتُ وظهرت الابتسامة العريضة على وجهي، ولكني وبعد مرور كل هذه السنوات، أكتشف أنه كان على صواب، ولكنه كان يعطي المعلومة ويرسلها لي بطريقة خاطئة، فيها كثير من التعالي والتكبر، بدون تفهيم أو توضيح، ولكني اكتشفت من خلال حضوري لمناقشة رسالة ماجستير في تخصص بعيد كل البُعد عن تخصصي، وفي كلية أخرى، عرفت أنه كان من الممكن وضع فقرة لشكر أسرتي، وإلغاء صفحة الإهداء، كما طلب مني أستاذي، ولكن بالفعل التعليم والتعلم لا بُدَّ لهما من توفُّر بيئة جيدة للاتصال والتواصل، بيئة صحية؛ حتى تصل رسالة المعلم "المرسِل" إلى المتعلِّم "المستقبِل" بصورة صحيحة وسليمة دون تشويش أو خلل، فما يخرج بِحُبٍّ يصل بحب، ويجب على كل معلِّم مهما كان موقعه أو منصبه العلمي أو مكانته العلمية، أن يعمل على نقل خبرته وعلمه لطلابه وتلامذته، بطريقة سهلة وميسورة، والبعد عن الغطرسة والرفض من أجل الرفض، بدون إبداء أي أسباب مقنعة للرفض، خاصة وأن طالب الدراسات العليا ليس كطالب مرحلة البكالوريوس أو الليسانس، فهو أصبح باحثًا وقارئًا ومطَّلعًا، فليس معقولاً بعد أن يتطلب طرق البحث العلمي، والتفكير المنطقي المتسلسل، والربط بين الأشياء، والوصول إلى علاقات وفلسفة النتائج التي حصل عليها، أن يقبل كلامًا مرسَلاً بدون سند علمي حقيقي مُقنِع، وإلا فما قيمة ما تعلَّمه واكتسبه الباحث من مهارات وقدرات عقلية جديدة خلال سنوات دراسته للحصول على الدرجة العلمية الأكاديمية بالجامعة؟!

 وما دمنا نتحدث عن كلمات الشكر داخل الرسالة العلمية، فأذكر لكم حديثي مع المشرف الثاني على رسالة الماجستير الخاصة بي، قبل أن يقرأ ما كتبْتُ، معتذرًا له على أنني كتبت في حقه سطرين ونصف السطر، بينما كتبت في حق المشرف الأول والرئيسي خمسة أسطر كاملة، جمعتها من عدة رسائل؛ حيث اخترت أجمل وأظرف وألطف الجمل؛ وذلك حتى لا أساوي، أو بمعنى أدق، حتى لا يشعر الأول بأني ساويته بالثاني من قريب أو بعيد؛ لأن مثل هذه الأمور الشكلية تؤثِّر فيه ويتأثر بها، وتخرج منه في صور سلوكية غير محمودة، فنظر لي المشرف الثاني مقهقهًا من كلامي، وقال الرجل بكل هدوء، واقتناع بالغ: المهم أن تكون عارفًا ما مدى مساعدة الآخرين لك؟ وتقدِّر في داخلك ذلك، ولا تنسى من كان إيجابيًّا نحوك، ومن كان سلبيًّا، وإذا أردت أن تحذف ما كتبْتَه في حقي، فأنا راضٍ ومسامح تمامًا، ففي العادة لا يقرأ كلمات الشكر في بدايات الرسائل إلا قلة قليلة جدًّا، وفي الغالب لا تُقرأ من الأساس، فرددت عليه: الحمد لله أنَّ حضرتك فاهم هذا الكلام، ولك مني دعاء بظهر الغيب.

 ترتيب فهرس الرسالة المكتوبة باللغة العربية يكون بطريقة (أبجد هوز)؛ أي: (أ - ب - ج - د - هـ - و - ز )، وليس بطريقة الترتيب الأبجدي للحروف العربية؛ أي: (أ- ب - ت - ث - .......).

 توضع نجمة بجوار أسماء الأشخاص والعلماء والكتاب، ثم يتم التعريف بهم في نهاية الصفحة في الهوامش السُّفلية للصفحة، ولا يتم وضع رقم بجوار تلك الأسماء؛ حيث وضعت الباحثة صاحبة أطروحة الماجستير، أرقامًا بجوار تلك الشخصيات؛ لذلك طلب منها المحكِّم حذف تلك الأرقام، ووضع نجوم بدلاً منها.

 لا بد في أي بحث تحديد ووضع حدود له، فلا يوجد بحث بلا حدود، والحدود تشمل الزمان والمكان، فحدود البحث نقطة مهمة، وجوهرية جدًّا في الفصل الأول من الرسالة.

 الجزء الخاص بمصطلحات البحث يتناول فيه الباحث ما ورد بعنوان رسالته فقط، ولا يتم تعريف مصطلحات خارج حدود العنوان المحدد.

 عدم ترك جزء من الصفحة بدون داعٍ، فلا بد من ملء جميع الفراغات الموجودة بصفحات الرسالة العلمية.

 لا بد أن يهتم الباحثون بكتابة اسم وتعليق للأشكال والرسومات والصور، بشكل صحيح، ومراجعة ذلك للتأكد من صحة التعليق؛ بحيث لا يكتب تعليقًا على شكل يخص شكلاً آخر، أو تعريفًا بصورة لصورة أخرى؛ وذلك لأن الرسالة العلمية سوف توضع بالمكتبة لطلاب العلم، والباحثين، والأساتذة في هذا المجال.

 لا بد من التنوع في التعليقات على الصور والأشكال والرسومات؛ بحيث لا يقوم الباحث بتكرار ونسخ نفس التعليق، وبنفس الأسلوب على جميع ما ورد في الرسالة من أعمال؛ لأن هذا يصيب من يقرأ هذه التعليقات بالملل، ويدل على فقر الباحث في التأمل والوصف لكل عمل على حِدة.

 ولا بد من كتابة مكان وجود العمل الفني حاليًّا تحت اسم وأبعاد العمل؛ وذلك حتى يكون القارئ على معرفة بمكان وجوده (حتى وقت كتابة وطباعة الرسالة أو الدراسة العلمية)؛ لأنه من الممكن أن ينتقل مكان هذا العمل بعد ذلك، فيأتي باحث آخر ويكتب تاريخ انتقال ووجود هذا العمل الفني.

 التأكد من كتابة أسماء العلماء، ومؤلفي الكتب والمراجع والدراسات بشكل صحيح؛ حيث لا يتم تغيير اسم بِاسْمٍ، أو تبديل أحرف داخل الاسم، أو إضافة حرف على الاسم فيغيره تمامًا.

 يفضَّل عدم النقل من الرسائل السابقة، بل الرجوع إلى المرجع الأصلي؛ لأنه من الجائز أن يكون الباحث صاحب الرسالة المنقول منها، قد أخطأ في نقله من المرجع الأصلي، وبالتالي يُنقَل هذا الجزء بالخطأ الذي فيه، ويظل هذا الخطأ ويستمر في عشرات الرسائل إلى أن يتم اكتشافه من شيخ من شيوخ هذا العلم وذاك التخصص، أو من صاحب البحث الأصلي بنفسه، إذا وقعت تلك الرسالة أو الرسائل التي بها الخطأ وذلك عن طريق القدر، هذا لو افترضنا أن هذا الباحث الأصلي ما زال على قيد الحياة، وفي واقعة حدثت بالفعل؛ حيث قام بعض الباحثين في عدة أبحاث بالنقل من بحث كان اسم العائلة للباحث الرئيسي فيه هو (جبر) وبالإنجليزية (Gabr) فقام من نقل أول مرة خطأ ثم نقل عنه الآخرون (Gaber)؛ أي: قام بإضافة حرف واحد وهو (e)؛ أي: أصبح اسم صاحب البحث هو (جابر)، وبالتالي يصبح (جبر) غير (جابر)؛ فهذا باحث، وذاك باحث مختلف عنه تمامًا، وخاصة أنه عند كتابة المراجع العلمية بالإنجليزية يكتب اسم العائلة للباحث، ثم يليه الأحرف الأولى من باقي اسمه كاختصار لاسمه بالكامل، مثلاً: إذا طبقْتُ ذلك عليَّ شخصيًّا يكون (محمود سلامة الهايشة) El-Haysha, M.S.، ولم أكتب El-Haysha, Mahmoud Salama، بل تم الاكتفاء باسم العائلة (El-Haysha) وتم اختصار باقي الاسم بالأحرف الأولى منه فقط، وبعد كل حرف نقطة؛ حتى يدل ذلك أنه اختصار للاسم (M.S.)، فلو تم تغيير أو تبديل أي حرف من أحرف اسم عائلة الباحث، فيصبح المقصود شخصًا آخر تمامًا.

 إذا زاد عدد أسطر الاقتباس من أي مرجع عن خمسة سطور، فلا بد من تصغير الخط (البنط) عن باقي خط الرسالة، ويتم ضم تلك السطور للداخل من الجهتين اليمنى واليسرى؛ بحيث تصبح تلك السطور مميزة عن باقي سطور وأجزاء الرسالة، التي هي من إعداد الباحث صاحب هذا العمل العلمي؛ وذلك بمجرد النظر من قِبَل المتلقي.

 لا بد من كتابة الأبعاد الثلاثية للعمل الفني النحتي: الطول - والعرض - والسُّمْك؛ حيث إن الأعمال النحتية أعمال ثلاثية الأبعاد، فلا يجوز الاكتفاء بالطول والعرض دون ذكر السُّمك.

 الأعمال الفنية المجرَّدة، يُفضَّل عدم تسميتها، وإذا حدث وقام الفنان بتسميتها، فلا بد وأن تكون التسمية فيها شيء من المنطق، فعلى سبيل المثال: لا نطلق اسم "الشهيد" على عمل نحتي رأسي، فمن المفترض أن يكون الشهيد أفقي، واسم "شموخ" على عمل رأسي حتى يدل على الشموخ، ولا يكون أفقيًّا، ففي أعمال الفنانين الكبار، عندما يسمون الأعمال المجردة، في العادة لا يكون لتلك التسمية أي دلالة.

 قد تعرفْتُ من خلال مناقشة أ. د: محمد حامد رسمي- أستاذ النحت المتفرغ، ورئيس قسم التعبير المجسَّم الأسبق، كلية التربية الفنية - جامعة حلون، للباحثة الزهراء يوسف، أن روسيا دولة متقدمة جدًّا في فن النحت، وقد نصحها بالرجوع لكتاب بعنوان "النحت الروسي في العصور الحديثة"؛ لمؤلفه الأستاذ الدكتور/ أسامة السروي، أستاذ النحت، والذي يشغل حاليًّا (وقت كتابة تلك السطور) منصب المُلحَق الثقافي المصري بالسفارة المصرية بموسكو، إلى هنا انتهى كلام الدكتور رسمي، ومن خلال هذا الحديث قد علمتُ وتعلمْتُ عدة أمور: أن روسيا من الدول المتفوقة جدًّا في فن النحت، هناك كتاب عن فن النحت الروسي، ومؤلفه أستاذ نحت مصري؛ ولأن هذا الأستاذ متفوق في هذا الفن تم تعيينه من قِبَل وزارة الخارجية المصرية في منصب دبلوماسي رفيع كملحق ثقافي بالسفارة المصرية بروسيا، كل هذه المعلومات الهامة لا يلقي الإعلام عليها الضوء، وبالتالي تأتي أهمية حضور مثل هذه المناسبات العلمية القيِّمة.

 الفنان يُبدع العمل الفني، ولا يخلق العمل الفني، فالخالق هو الله، ومن يخلق هو الله - سبحانه وتعالى - فلا يجوز أثناء كتابة الدراسة الفنية أن يكتب الباحث أن الفنان خلق هذا العمل أو ذاك، بل يقول مثلاً: أبدع هذه القطعة الفنيَّة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كافوزال Cafosal لتنشيط التمثيل الغذائي – حقن للاستعمال البيطري

راكومين..غلة وجبة شهية لقتل الفئران