( جريمة الثأر ) واثر العادات والتقاليد في السلوك الاجرامي وما هى العوامل الخارجية الدافعة لارتكاب الجريمة؟ ؛ وهل العادة المتوارثة اقوى من القانون نتيجه الجهل بالقانون؟؛ وما هو اثر استخدام الماده 17 من قانون العقوبات فى قضايا الثأر؟!


( جريمة الثأر ) واثر العادات والتقاليد في السلوك الاجرامي وما هى العوامل الخارجية الدافعة لارتكاب الجريمة؟ ؛ وهل العادة المتوارثة اقوى من القانون نتيجه الجهل بالقانون؟؛ وما هو اثر استخدام الماده 17 من قانون العقوبات فى قضايا الثأر؟!



كتب : أيمن محمد عبداللطيف :

جريمة الثأر : "الثأر" عادة مصرية متوارثة "أقوى من القانون"عند البعض من الجاهلون بالقانون .

( شريعة القانون لا شريعة الغاب: تعرف على عقوبة القتل المرتبط بجناية )

نص القانون وعلة التشديد: واثر استخدام م 17 لتخفيف الحكم .

نصت الفقرة الثانية من المادة 2344 من قانون العقوبات على أنه "ومع ذلك يحكم على فاعل هذه الجناية (أى جناية القتل العمد) بالإعدام إذا تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى".

وأوضحت أن هذا الظرف المشدد يفترض أن الجانى قد ارتكب، إلى جانب جناية القتل العمدى، جناية أخرى وذلك خلال فترة زمنية قصيرة، مما يعنى أن هناك تعدداً فى الجرائم مع توافر صلة زمنية بينها.

وتقضى القواعد العامة فى تعدد الجرائم والعقوبات بأن توقع عقوبة الجريمة الأشد فى حالة الجرائم المتعددة المرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة (المادة 32/2 عقوبات)، وأن تتعدد العقوبات بتعدد الجرائم إذا لم يوجد بينها هذا الارتباط (المادة 33 عقوبات)، وقد خرج المشرع، على القواعد العامة السابقة، وفرض للقتل العمد فى حالة اقترانه بجناية أخرى عقوبة الإعدام، جاعلاً هذا الاقتران ظرفاً مشدداً لعقوبة القتل العمدى، وترجع علة التشديد هنا إلى الخطورة الواضحة الكامنة فى شخصية المجرم، الذى يرتكب جريمة القتل وهى بذاتها بالغة الخطورة، ولكنه فى نفسه الوقت، لا يتورع عن ارتكاب جناية أخرى فى فترة زمنية قصيرة.

شروط التشديد:

يشترط لتشديد العقوبة على القتل العمدى فى حالة اقترانه بجناية أخرى ثلاثة شروط، وهى: أن يكون الجانى قد ارتكب جناية قتل عمدى مكتملة الأركان، وأن يرتكب جناية أخرى، وأن تتوافر رابطة زمنية بين جناية القتل والجناية الأخرى.


ارتكاب جناية القتل العمدى:

يفترض هذا الظرف المشدد، أن يكون الجانى قد ارتكب جناية قتل، فى صورتها التامة. وعلى ذلك، لا يتوافر هذا الظرف إذا كانت جناية القتل قد وقفت عند حد الشروع واقتران هذا الشروع بجناية أخرى، وتطبق هنا القواعد العامة فى تعدد العقوبات.

كذلك لا يطبق هذا الظرف المشدد إذا كان القتل الذى ارتكبه الجانى يندرج تحت صورة القتل العمد المخفف المنصوص عليها فى المادة 237 من قانون العقوبات حيث يستفيد الجانى من عذر قانونى يجعل جريمة القتل، كما لا يتوافر الظرف المشدد محل البحث ومن باب أولى، إذا كانت الجريمة التى وقعت من الجانى هى "قتل خطأ" اقترنت بها جناية أخرى، مثال ذلك حالة المجرم الذى يقود سيارته بسرعة كبيرة فى شارع مزدحم بالمارة فيصدم شخصاً ويقتله، ويحاول أحد شهود الحادث الإمساك به ومنعه من الهرب فيضربه ويحدث به عاهة مستديمة، ففى هذه الحالة توقع على الجانى عقوبة القتل غير العمدى، بالإضافة إلى عقوبة الضرب المفضى إلى عاهة مستديمة.

أن يرتكب الجانى جناية أخرى:

يتطلب القانون لتوافر هذا الظرف المشدد أن يكون الجانى قد ارتكب إلى جانب القتل العمدى، جناية أخرى ولفظ الجناية الأخرى الذى ورد فى الفقرة الثانية من المادة 234 فى شقها الأول متعلق باقتران القتل بجناية جاء عاماً، مما يعنى أنه لا عبرة بنوع هذه الجناية الأخرى فقد تكون جناية ضرب أفضى إلى موت (قتل متعدى القصد) أو إلى عاهة مستديمة أو جناية حريق عمد أو هتك عرض أو سرقة من السرقات المعدودة من الجنايات أو حتى جناية قتل أخرى، ويستوى أن تكون الجناية الأخرى قد وقعت تامة أو كانت شروعاً ويترتب على هذا الشرط، أنه إذا كانت الجريمة الأخرى التى اقترن بها القتل هى جنحة أو مجرد مخالفة، فلا يتحقق معنى الاقتران كظرف مشدد لعقوبة القتل العمدى، يجوز معاقبته عن القتل المشدد استناداً إلى ظرف آخر وهو ارتباط القتل بجنحة إذا توافرت شروط الارتباط.

وينبغى أن يكون المتهم مسئولاً عن الجنايتين معاً "جناية القتل العمد والجناية الأخرى"، سواء بوصفه فاعلاً لهما أو بوصفه فاعلاً فى إحداهما وشريكاً فى الأخرى أو شريكاً فيهما معاً، أو كان مساهماً فى إحداهما وكانت الثانية نتيجة محتملة للأولى، ومؤدى ذلك أنه ينتفى الاقتران إذا كان الجانى غير مسئول عن إحدى الجنايتين.


أن تتوافر رابطة زمنية بين القتل والجناية الأخرى:

يشترط لتحقق هذا الظرف المشدد لعقوبة القتل العمدى أن يكون هناك اقتران أو رابطة زمنية بين جناية القتل والجناية الأخرى.

وهذه الصلة بين الجنايتين تعنى أن تكونا ارتكبتا فى فترة زمنية واحدة، فلا يفصل بينهما سوى وقت قصير، ولم يحدد القانون الفترة الزمنية اللازمة لتوافر هذه الرابطة، وبالتالى يخضع تقديرها إلى قاضى الموضوع فى ضوء ظروف كل حالة على حدة، وعلى ضوء علة التشديد بسبب الاقتران وهى كما قدمنا خطورة الجانى الذى لا يتورع فى ارتكاب جنايتين فى أوقات متقاربة.

على أن يلاحظ أن الصلة الزمنية المذكورة لا تعنى ضرورة أن ترتكب إحدى الجنايتين عقب الأخرى على الفور أو ارتكابهما فى يوم واحد، فمن الجائز ارتكابهما فى يومين متتاليين دون أن يعنى ذلك حتماً وجود فاصل زمنى ملحوظ بينهما.

(عقوبة القتل العمد المقترن بجناية فى القانون وما هى الظروف المخففه او تطبيق الماده 17 كظرف مخفف )

إذا توافر ظرف اقتران القتل العمد بجناية فتكون عقوبة القتل هى الإعدام، وذلك خروجاً على القواعد العامة فى تعدد الجرائم والعقوبات، كما سبق أن ذكرنا، والجناية الأخرى فى هذه الحالة تعتبر بمثابة ظرف مشدد لعقوبة القتل (المادة 234/2 من قانون العقوبات".


حرام الدم.. جرائم الثأر إصرار وترصد والقاتل لا يُعدم
القانون ينظر إليها على أنها عرف اجتماعي وعادات وتقاليد ويستخدم الرأفة.. زخاري: هناك قضايا قتل عمد تكيف كجنحة ويتم إيقاف الحبس فيها.. والمادة 17 تستخدم في نظر قضايا الثأر وهى التى تجيز حالات الرأفه واستخدام روح القانون وفقا لقانون العقوبات .


(حالات الرأفة في قضايا الجنايات وفقا لقانون العقوبات م 17 )

أجاز قانون العقوبات للمحاكم الجنائية أن تستخدم الرأفة بحق المتهمين الذين تنظر محاكمتهم وفقا لضوابط حددها القانون في شأن تخفيف العقوبات في مواد الجنايات وهو ما يعرف في الأوساط القضائية بـ"المادة 17" وهي المادة التي تتيح استخدام ذلك الحق من قبل المحاكم.
وتشير المادة 17 من القانون إلى أنه "يجوز في مواد الجنايات إذا اقتضت أحوال الجريمة المقامة من أجلها الدعوى العمومية رأفة القضاة تبديل العقوبة".
وإذا رأت المحكمة تطبيق هذا النص فإن عقوبة الإعدام تستبدل بعقوبة السجن المؤبد أو المشدد وعقوبة السجن المؤبد تستبدل بعقوبة السجن المشدد أو السجن.
وعقوبة السجن المشدد تستبدل بعقوبة السجن أو الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ستة شهور وعقوبة السجن تستبدل بعقوبة الحبس التي لا يجوز أن تنقص عن ثلاثة شهور.
ونص القانون على أن "السجن المؤبد والسجن المشدد هما وضع المحكوم عليه في أحد السجون المخصصة لذلك قانوناً، وتشغيله داخلها في الأعمال التي تعينها الحكومة، ولا يجوز أن تنقص مدة عقوبة السجن المشدد عن ثلاث سنوات ولا أن تزيد على خمس عشرة سنة".
ويقضي من يحكم عليه بعقوبة السجن المؤبد أو المشدد من الرجال الذين جاوزوا الستين من عمرهم ومن النساء مطلقاً مدة عقوبته في أحد السجون العمومية.
وعرف القانون عقوبة الحبس بأنها وضع المحكوم عليه في أحد السجون المركزية أو العمومية المدة المحكوم بها عليه ولا يجوز أن تنقص هذه المدة عن أربع وعشرين ساعة ولا أن تزيد على ثلاث سنين.



* جريمة الثأر أو (القتل ثأرا)*

الثأر لغة :

ث أ ر (الثأر) ـ ثار (هاج) أي تحرك واهتز وماج (يمنة ويسرى) وقياما وقعودا , في المكان وحوله صعودا وهبوطا ومنها حركة الثور , ولذلك عرف هذا المخلوق بهذا الاسم , الذي يثور لرؤيته اللون الأحمر .. لأنه في العربية (الثورة) هي الحمرة أو (الثورة) الذحل أي (المحركة) ـ (المهيجة) ـ (الدافعة) , وفي جرم القتل (ثأر) تعني القتيل بالقتيل أي قتل قاتل القتيل .

الثأر في الأدب :
وهو دفاع مبرر ضد الاعتداء (ثأر لكرامته) , ومنها الثورة ضد الظلم والقهر فرديا أو جماعيا (يثور ضد ..) ـ ويقال (ثار البركان) أي أخرج ما فيه من حمم بعد أن احتفظ بها وغلت واستعرت زمنا , وغالبا ما تكون أو تبدأ نارية حمراء إلى أن تخمد بعد أن تخرج كل ما بها إما إلى حين آخر أو نهائيا .

يقال ثورة حمراء , واللون الأحمر هو لون الدم الذي غالبا ما يكون وحتى في جسم مخلوق ومنه (الإنسان) حاميا . وبذلك قصد بعض الشعر بالقول (وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق) أي مضرجة ـ ومليئة ومفعمة ـ بالدم الأحمر .

الثأر في القانون :
لا يوجد أي قانون في العالم أو أي شرع سماوي أو وضعي ينص على أو يبرر جريمة القتل ثأرا . بل إن العديد من القوانين تعتبر القتل ثأرا سببا مشددا للعقاب , أو أحد أسباب التشديد , خلافا للاعتقاد السائد خطأ بأنه سبب من أسباب التخفيف أو عذرا يعفي من العقوبة , وذلك إنما يرجع إلى الخلط بين (قتل الثأر) ونوعين آخرين من القتل وهما (جرائم الشرف) و (الاستفزاز والغضب) .


تعريف الثأر أو القتل ثأرا :
لا يوجد أي تعريف جامح مانع لجرم القتل أخذا بالثأر وإنما يستقى ويستخلص من سياقه بذاته كفعل أو رد فعل وهذا الأصوب (رد فعل) والتعريف الأمثل له هو : (قتل واحد أو أكثر من أفراد أسرة أو قبيلة أو جماعة أخرى) .

أو بمعنى مختصر (سفح ـ سفك = دم= مقابل سفح ـ سفك = دم =) .
وهذا ما يؤكد أن القتل أخذا بالثأر هو عرف قبلي ومظهرا من مظاهر التضامن القبلي وعادة موروثة عن الجاهلية , وغالبا فإن قاتل الثأر يعترف فورا بجريمته ويباهي بها ويقبل بالعقاب أيا كانت شدته .

هذا وإن القتل ثأرا هو قتل عمد دائما مما لا بد فيه من توافر شروط القتل العمد , فإذا اختل أحد هذه الشروط تنتفي صفة العمد عنه أي لا يوصف بأنه قتل أخذا بالثأر مما يتيح للقضاء عدم التشديد في العقاب وإنما قد يكون العكس أي منح الفاعل التخفيف وأحيانا العذر المحل إذا توافرت شروطه .

* عوامل السلوك الإجرامي *

تعتبرا لجريمة ضريبة قاسية يدفعها ألمجتمع وما ينجر عنها من انعكاسات تهدد أمن واستقرار البناء الاجتماعي. ويختلف مفهوم الجريمة من منطقة إلى أخرى ومن بلد لأخر وهذا نظرا لاختلاف القيم والمعايير والعادات والتقاليد الخاصة بكل مجتمع،

ولكن ثمة عامل مشترك يتفق حوله الجميع أن الجريمة ظاهرة لا تهدد الأفراد في مالهم وسلامتهم فحسب بل حتى في وجودهم. وقد جرت محاولات عديدة لفهم العوامل المؤدية إلى ارتكاب الجريمة من خلال الأعمال التي قام بها علماء الاجتماع انطلاقا من أواخر القرن التاسع عشر إلى يومنا هذا،

وقد أنجزت عدة أعمال تفسر من خلالها السلوك الإجرامي إلى عوامل داخلية فردية تمثلت في البحوث التي قام بها الثلاثي الإيطالي الشهير في علم الجريمة وهم على التوالي – سيزار لومبروزو، أنريكوفيري، رفائيل قاروفالو - بالإضافة إلى سيجموند فرويد.

أما الفريق الأخر من علماء الاجتماع فقد عزو السلوك الإجرامي إلى عوامل خارجية تتمثل في العوامل الإجتماعي التي أنجزها كل من" دور كايم" و"روبرت كينغ ميرتون" و"بونجر إلخ... وقد كشفت نتائج هذه البحوث عن الخطأ الناجم عن التفسير الأحادي الجانب الذي أدلى به هذان المذهبان ولهذا فقد أصبح راجحا وجوب الأخذ بالتفسيرين معا والنظر إلى الجريمة بنظرة تكاملية تجمع بين العوامل الفردية والعوامل الاجتماعية في آن واحد، ولهذا يعتبر البحث العلمي من الأسباب الفعالة في دراسة وفهم العوامل والدوافع المؤدية إلى ارتكاب الفعل الإجرامي ومن جهة أخرى فهو يعمل على توجيه كافة أوجه النشاط الإجتماعي والإنساني حتى يكون في الإتجاه المناقض للجريمة والانحراف وذلك عن طريق دعمه بالمقومات الحضارية والفكرية والثقافية البناءة

(العوامل الإجرامية الخارجية الدافعة إلى ارتكاب الجريمة)
يطلق على مجموعة العوامل الإجرامية الخارجية الدافعة إلى ارتكاب الجريمة العوامل البيئية أو عوامل البيئة الإجرامية. ويقصد بهذه العوامل: مجموعة الظروف الخارجية المحيطة بالفرد والتي تؤثر في تكوين شخصيته واتجاهات سلوكه

وهذه العوامل الإجرامية الخارجية متعددة منها ما يتصل بالبيئة الاجتماعية الخاصة بالفرد، مثل الأسرة والمدرسة ومحيط العمل أو المهنة، ومنها ما يتعلق بالظروف الاقتصادية سواء اتصل ذلك بظروف اقتصادية عامة تخص المجتمع بأسره أم بظروف اقتصادية خاصة بفرد معين،

ومن هذه العوامل أيضا ما يتعلق بالبيئة الثقافية المحيطة بالفرد وما يتصل بذلك من تعليم ووسائل إعلام ومن تأثير للدين والعادات والتقاليد داخل مجتمع ما، ومن هذه العوامل كذلك ما يتعلق بالبيئة السياسية التي ينشأ فيها الفرد سواء تعلق ذلك بسياسات خارجية قد يكون لها تأثير مباشر أو غير مباشر على سلوك الفرد داخل المجتمع أو سياسات داخلية تؤدي إلى انتشار نوعية معينة من الجرائم نتيجة ما تنتهجه دولة ما من سياسات عامة أو سياسات تشريعية معينة.

ومن العوامل الإجرامية الخارجية كذلك ما يطلق عليه العوامل الطبيعية أو البيئة الجغرافية وما يرتبط بها من دراسة العلاقة بين مناخ ما أو بين بيئة مكانية معينة وبين الميل إلى ارتكاب نوعية معينة من الجرائم. و على الرغم من تنوع العوامل الخارجية أو البيئية الموجهة إلى السلوك الإجرامي، إلا أنه ينبغي ملاحظة أن هذه العوامل يجب دراستها على أنها ذات طبيعة نسيبة، و على أنها تشكل وحدة لا تقبل التجزئة


ونسبية هذه العوامل الإجرامية الخارجية تعني أن لكل شخص مجتمعه الخاص به، بل إن الشخص نفسه قد تختلف بيئته الخاصة من وقت لأخر ومن مكان لأخر.

وما قد يعتبر وسطا أو بيئة إجرامية بالنسبة لفرد ما قد لا يعتبر كذلك بالنسبة لفرد آخر تحيط به نفس الظروف التي تحيط بغيره.

فالقول بغير ذلك يعني أن يصبح جميع من يعيشون في نص البيئة الإجرامية مجرمین، و هو ما لا يمكن التسليم به علميا, وهذا بدوره يؤكد على ضرورة التفسير التكاملي للجريمة وذلك بالنظر إلى العوامل الإجرامية الداخلية لكل فرد ومدى تفاعلها مع ما يحيط بذلك الفرد المجزم من عوامل خارجية أو بيئية

وعليه، فسوف نتعرض لهذه العوامل الخارجية المقدرة للسلوك الإجرامي والتي تتعلق بكل من: البيئة الاجتماعية، البيئة الاقتصادية، البيئة الثقافية، البيئة السياسية تم البيئة الطبيعية أو الجغرافية؛ وذلك على النحو التالى:

البيئة الاجتماعية
يقصد بالبيئة الاجتماعية ذلك الوسط البشري الذي يعيش فيه الفرد و يختلط به عبر مراحل تطوره العمرية

ويطلق على هذا الوسط الاجتماعي تعبير “البيئة الخاصة” حيث يستمد الفرد من هذه البيئة المعلومات الأولية في حياته كما يتأثر بما يسود هذه البيئة من عادات وتقاليد تسهم إلى حد كبير في تكوين شخصيته وفي توجيه سلوكه.

وعليه فإنه يمكن وصف هذه البيئة بأنها إجرامية إذا كان من شأنها أن تدفع الفرد الذي ينتمي إليها إلى ارتكاب عمل إجرامي. وتتكون هذه البيئة الإجتماعية الخاصة بالفرد من الأسرة والمدرسة ومجتمع الأصدقاء ومجتمع العمل أو المهنة.

أولا – العوامل الإجرامية الخارجية المتمثلة في الأسرة:
الأسرة هي الخلية الأولى التي ينشأ فيها الفرد و يتلقى فيها التربية الأولية في حياته، ولا شك أن للأسرة دورا هاما وأساسيا في تنشئة الفرد وتوجيهه نحو التكيف الاجتماعي نظرا لما يتميز به الطفل الصغير من استعداد للاستجابة والتوجيه في هذه السن المبكرة،

هذا إذا كانت الأسرة مستقرة وتربط أفرادها، خاصة الأب والأم، علاقة طبيعية أما إذا كانت الأسرة مفككة و غير مستقرة أو فاسدة فإنها تمثل وسطا سيئا قد يؤدي إلى انحراف الأبناء نظرا لما يلمسونه من انحراف في سلوك أفراد أسرتهم ولما يعانونه من إهمال و عدم رعاية في هذه السن المبكرة

وعلى ذلك فإن الأسرة، باعتبارها الخلية الأولى التي ينشأ فيها الفرد، تلعب دورا هاما في تفسير ما قد يظهر على سلوك الفرد من انحراف نحو الجريمة، ويمكن تفسير العلاقة بين الأسرة كوسط اجتماعي للفرد وبين السلوك الإجرامي لهذا الأخير على النحو التالي :

فمن ناحية أولى، أكدت الدراسات الخاصة بعلم الإجرام أن وجود أفراد مجرمين أو منحرفين داخل نطاق الأسرة يشكل عاملا دافعا إلى السلوك الإجرامي، لما يمثله ذلك من مثل سيئ للأطفال التاتنين في هذه الأسرة، خاصة وأن الطفل في هذه السن المبكرة يتجه إلى تقليد هذه السلوكيات الإجرامية أو المنحرفة”

فعلى سبيل المثال، أثبتت الأبحات أن تعاطي أحد الأبوين للمخدرات يشكل أحد العوامل الأساسية التي تدفع الطفل نحو تعاطي المخدرات، خاصة إذا تم تناول المخدرات أمام الأبناء وبصورة تنم عن التشجيع على تناولها بل والزهو بهذا السلوك الخاطی.

ومن ناحية ثانية، فإن كان الأسرة أو انهيارها يعد أحد العوامل التي قد تدفع الطفل إلى ارتكاب الجريمه حالا أو مستقبلا، لما يسببه هذا التفكك من إعاقة له على التكيف مع المجتمع نظرا لغياب الدور التربوي والتهذيبي الذي تلعبه الأسرة المتماسكة في هذا الشأن.

وقد يكون التفكك الأسري راجعا لأسباب مادية تؤدي إلى غياب أحد الأبوين أو كليهما عن حياة الطفل، مثل الوفاة أو الطلاق، فيحرم ذلك الطفل من تلقي التربية والتهذيب اللازمين


وقد يتخذ التفكك الأسري صورة معنوية، ويعني ذلك أن العتقة بين الأبوين تكون علاقة سيئة غير مستقرة رغم تواجدهما معا من الناحية المادية ويترتب على سوء العلاقة وسوء المعاملة بين الأبوين أن ينشغل الأب عن رعاية أبنائه و عن تربيتهم مما قد يدفعهم إلى ارتكاب الجريمة

ومن ناحية تالتة، يمكن تفسير السلوك الإجرامي لأبناء استنادا إلى الأسلوب الخاطئ الذي تتبعه الأسرة في تربية أبنائها. وقد يتمثل ذلك في حرمان الأبناء من حب الأبوين أو من سوء توجيه هذا الحب

فالحرمان من حب الأبوين أو أحدهما يخلق لدى الطفل عداوة مقابلة تجعل سلوكه متسما بالمعارضة والتمرد على الأبوين، وقد يتمثل سوء توجيه العاطفة في التدليل الزائد عن المعتاد، الأمر الذي يجعل من الطفل شخصا غير قادر على تحمل المسئولية وبالتالي غير قادر على تحمل ما يفرضه المجتمع من قيود تشكل حماية المصالح المجتمع والأفراد من الاعتداء عليها

ومن ناحية رابعة، فإن الظروف التي تعيش فيها الأسرة وما يرتبط بذلك من وضع اقتصادي و اجتماعی قد يكون عاملا ذا علاقة بإقدام الفرد على ارتكاب الجريمة، فعجز الأسرة عن توفير المتطلبات الأساسية لأفرادها يتعارض مع متطلبات التربية السليمة والتهذيب، وقد يدفع هذا العجز الاقتصادى إلى ترك الأبناء للتشرد والتسول وما قد يتبع ذلك من ارتكاب للسرقة وممارسة الرذيلة

ومع ذلك فإنه لا ينبغي إغفال أن هناك نوعا من انحراف الأحدات يكون وراءه أحدات قادمون من أسر مرتفعة المستوى الاقتصادي والاجتماعي

ثانية – العوامل الإجرامية الخارجية المتمثلة في المدرسة
تعتبر المدرسة أحد جوانب الوسط الاجتماعي الخاص الذي يؤثر في سلوك الفرد، وتلعب المدرسة دورا مهما في تهذيب وتربية الأبناء والبنات، حيث إن دورها لا يقتصر أو لا يجب أن يقتصر فقط على الجانب التعليمي بل يجب أن يشمل كذلك الجانب التربوي وما يتعلق بذلك من تلقين للقيم والمبادئ الأخلاقية التي يجب أن تسود في المجتمع

ويعتبر مجتمع المدرسة أول مجتمع أجنبي يتصل به الطفل بعد مجتمع الأسرة، وفي مجتمع المدرسة يلتقي الطفل بغيره ممن هم في سنه أو في سن قريبة من سنه، ويلتقى كذالك بأساتذته ومدرسيه. وبقدر ما تنجح المدرسة في أداء دورها التعليمي والتربوي بقدر ما تقدم للمجتمع فردا قادرا على التكيف مع المجتمع بما يسوده من قيم ومبادئ أخلاقية وعلى العكس، فإن قتل المدرسة في القيام بهذا الدور يشكل أحد العوامل الدافعة إلى الجريمة

ثالثا – العوامل الإجرامية الخارجية المتمثلة في مجتمع العمل
لا شك أن العمل في حد ذاته يمثل قيمة في حياة الفرد والمجتمع، ولا شك أيضا أن نوعية العمل الذي يمارسه الفرد تؤثر في تكوين شخصيته وتحديد اتجاهات سلوكه بصفة عامة

ولذلك يمكن القول: إن بعض الأعمال أو المهن يمكن أن تمثل عام إجراميا نظرا لما يحيط بهذا العمل أو هذه المهنة من ظروف معينة ترفع من معدل الإجرام أو تؤدي لارتكاب نوعية معينة من الجرائم

فمن ناحية، قد تهيئ طبيعة المهنة أو العمل الفرصة لارتكاب نوع معين من الجرائم مثل ارتكاب الموظف العام جرائم الرشوة أو الأخت أو الاستيلاء على المال العام، وارتكاب الخادم في المنزل جرائم السرقة، وارتكاب الطبيب لجرائم هتك العرض أو الاغتصاب، وارتكاب الجزار جرائم العنف… إلى غير ذلك من أمثلة


رابعا – العوامل الخارجية المتمثلة في مجتمع الأصدقاء
يشكل مجتمع الأصدقاء نوعا من أنواع البيئة الخاصة التي تحيط بالفرد وتؤثر في تشكيل معالم شخصيته، وتوضيح ذلك أن هناك تأثيرا متبدلا بين الأصدقاء ينشأ عنه اتجاه عنه جماعي فيما بينهم هذا الاتجاه قد يكون من ناحية احترام القوانين والمبادئ والقيم الأخلاقية السائدة في المجتمع، وهنا يمكن القول: إن جماعة الأصدقاء هذه تشكل أحد العوامل المانعة من الإجرام.

وقد يكون هذا الاتجاه العام فيما بينهم نحو مخالفة القوانين والخروج على المبادئ والقيم السائدة داخل المجتمع، ولذلك ياتي سلوكهم منحرفا ومتجها إلى ارتكاب الجرائم وفي هذه الحالة يمكن القول بأن جماعة الأصدقاء تشكل أحد العوامل الدافعة إلى ارتكاب الجريمة

ومع ذلك، لا يمكن القول بأن مجرد الانخراط في جماعة أصدقاء سيئة هو الدافع الوحيد لارتكاب الجريمة، حيث إنه يمكننا القول بوجود عوامل أخرى لابد وأنها قد ساهمت في الدفع إلى طريق الإجرام، هذه العوامل منها ما يتعلق بعوامل داخلية لدى الفرد نفسه أو عوامل اجتماعية أخرى مثل الفشل في الدراسة والتفكك الأسري، ومثل الحالة الاقتصادية للفرد سواء أكانت هذه الحالة سيئة أو في بعض الأحيان حالة اقتصادية مرتفعة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كافوزال Cafosal لتنشيط التمثيل الغذائي – حقن للاستعمال البيطري

راكومين..غلة وجبة شهية لقتل الفئران