عدم تشغيل عداد التاكسي.. في قصة شاهد إثبات لـ بهاء الدين حسن.. علم نفس القانوني "إشكالية تحرير محضر شرطة"
عدم تشغيل عداد التاكسي.. في قصة شاهد إثبات لـ بهاء الدين حسن.. علم نفس القانوني "إشكالية تحرير محضر شرطة"
بقلم
محمود سلامه الهايشه
كاتب وباحث مصري؛ elhaisha@gmail.com
عدم تشغيل عداد
التاكسي ...
في قصة شاهد إثبات لـ"بهاء الدين حسن"
... علم نفس القانوني
"إشكالية
تحرير محضر شرطة"
للحد من ظاهرة امتناع
سائقي التاكسي عن تشغيل العداد، يفرض على المواطنين بمطالبة حقوقهم من السائقين،
وعدم التماس لهم أي أعذار للسائقين المخالفين لهذا القانون، إن كل فرد يستخدم
تاكسي، يمتنع سائقه عن تشغيل العداد، عليه أن يأخذه عند أقرب ضابط مرور بالشارع،
وتقديم شكوى إليه لاتخاذ الإجراء اللازم، حول هذا الموضوع جاءت فكرة وأحداث قصة " شاهِد
إثبات " للكاتب "بهاء
الدين حسن"، المنشورة بمجلة "سِشات
الثقافية"، الصادرة عن إقليم جنوب الصعيد الثقافي - الهيئة
العامة لقصور الثقافة المصرية - العدد الثالث 2019/ 2020، ص29.
قال اللواء مدحت قريطم
مساعد أول الوزير للشرطة المتخصصة سابقًا: إن عقوبة عدم تشغيل عداد التاكسي هي
الغرامة من 300 لـ1500 جنيه، والحبس حتى 6 شهور أو إحداهما، مطالبًا المواطنين
بتوقيف السيارة عند أقرب ضابط، والشكوى له؛ للقضاء على هذه الظاهرة، وأضاف في
تصريحات لبرنامج عربيتي على راديو مصر (17 مايو 2019)، أن عبارات السلبية من أمثال
"هذا أكل عَيشه" هي السر وراء انتشار هذه الظاهرة، مؤكدًا أنه يتم زيادة
تعريفة الأجرة مع كل زيادة للوقود؛ ومن ثَمَّ فهو يأخذ حقه ويربح من العداد.
فالبطل الراوي لقصة
"شاهِد إثبات" بدأت مشكلته برفض سائق التاكسي تشغيل العداد، وكان
مواطنًا إيجابيًّا فعلًا، واتجه على الفور لعسكري المرور كخطوة أولى، ثم توالت
بعدها ست خطوات مدهشة هي مشاهد القصة بعد ذلك، وقد قام الكاتب "بهاء الدين
حسن" بترقيمها )تذمر سائق التاكسي وامتعض، عندما طلبتُ منه أن يقوم بتشغيل العداد
فأوقف التاكسي بعصبية وقال ... – ابحث عن تاكسي آخر، فاتجهت نحو عسكري المرور الذي
كان يقف في الميدان، وطلبت منه أن يحرر مخالفة بامتناع السائق عن توصيلي، فقال: ....
كثيرًا منا يتعرض لمشاكل
يومية تصل أحيانًا كثيرة بالتنازل عن حقه القانوني بمجرد سماعك: "سنذهب للقسم
ونحرر محضرًا"، وهذا لم يحدث مع البطل الراوي، بالفعل ذهب إلى قسم
الشرطة لتحرير محضر، عندما نصحه عسكري المرور بذلك: (فقال
... – اعمل بلاغًا في قسم الشرطة (2)! وفي قسم الشرطة، قال لي الضابط ... اكتب
شكوى، وارفعها إلى إدارة المرور (3)، في إدارة المرور أخذ الضابط يشرح لي، أن مهام
المرور تتلخص في متابعة التراخيص، وعمل المخالفات للسائرين في الاتجاه المعاكس
لاتجاه السير، وغير الملتزمين بالسرعة القانونية و ... و ... و ...).
أولى خطوات كيفية تحرير
المحضر داخل قسم الشرطة من الناحية الموضوعية:
1- الذهاب إلى قسم الشرطة وطلب عمل محضر، وهذا ما فعله بالفعل البطل
الراوي، في المشهدين رقم 2 و 3، والخطوة الثانية لتحرير المحضر.
2- سيقوم أمين الشرطة بسماع الواقعة التي تريد أن تحرر المحضر بشأنها؛
لأنه يكون لديهم محاضر مصورة مسبقًا، أما إذا كان المحضر ليس من بين تلك المحاضر
يقوم بإخراج ورق، ويقوم بكتابة ما تمليه عليه، ومن حقك كتابة أي شيء في المحضر،
وليس له الاعتراض فقط التدوين، ولكن في قصتنا "شاهد إثبات" لم يحدث ذلك،
لا في قسم الشرطة، ولا في إدارة شرطة المرور، بل انتهى الأمر بالمرور إلى: (...
وقال لي في نهاية الدرس ... –
عليك وعلى شرطة النجدة (4)، في شرطة النجدة، قال لي الضابط ... هذا موضوع يخص شرطة
المرافق، اذهب إلى شرطة المرافق (5)،
وها هو البطل لم يستطع، لا تحرير مخالفة، ولا محضر للسائق، لا بالشارع لدى عسكري
المرور، ولا عند ضابط شرطة المرور، ولا ضابط شرطة النجدة، وها هو قد وصل لشرطة
المرافق بالمشهد الخامس بالقصة، ولكن من المفترض أن مسألة تحرير محضر الشرطة هي
مسألة في غاية السهولة؛ حيث تبدأ بشكل رسمي عند دخول المواطن القسم، فيذهب إلى
"النوبتجية"، فيجد ضابط شرطة ومعه مجموعة من الأمناء، وتسأل: "أريد
عمل محضر"، حينها يُجيبك أحد هؤلاء الأمناء سالف ذكرهم، ويُدلك على الأمين
الذى سيُحرر لك المحضر.
قال اللواء محمد أشرف،
مدير شرطة مرافق الجيزة [جريدة
المصري اليوم، يوم الإثنين 14-01-2013]: (إن مهمة شرطة المرافق
تقوم على تأمين القائمين على تنفيذ قرارات الإزالة والإشغالات من رجال الإدارة
المحلية والأحياء ومجالس المدن والمحافظة؛ مضيفًا: "نحن كشرطة مرافق لسنا ضد
أحد أو ضد مصلحة الوطن، ونتقي الله في عملنا)، فماذا حدث مع البطل الراوي بالمشهد السادس
بقصة
"شاهِد إثبات" للكاتب "بهاء
الدين حسن"
داخل شرطة المرافق بل وسيارتها؟! (في
شرطة المرافق كانت العربات المصفحة وسيارات المطافئ وكتيبة من العساكر تستعد
للتحرك، سررت للهراوات في يد العساكر والطبنجات معلقة في جوانب الضباط، وهتفت
"هكذا يجب أن يتحرك الأمن عندما يتعرض المواطن للإهانة"، تشبثت بإحدى
السيارات، وحشرت نفسي بين العساكر ... قلت للعسكري الذي ركلني بحذائه الميري،
محاولًا إنزالي ودفعي بعيدًا عن السيارة ... أنا دليكم وشاهد الإثبات "6").
إن حملات شرطة المرافق
تسفر على إعادة الانضباط للشوارع ورفع الإشغالات بها وتسهيل حركة المرور؛ حيث يتم
إنذار الباعة الجائلين قبل تحرير المخالفات من خلال المحليات، ويتم إيداع
المضبوطات في مخازن المحليات لحين عمل التصالح وإعادتها للمخالف، وفي حالة تكرار
المخالفة، يتم مصادرتها طبقًا للقانون، وتحرير عشرات المحاضر المخالفة، واتخاذ
الإجراءات في إطار "الشرعية القانونية"؛ ويحكي لنا البطل الراوي بالمشهد
السابع بقصة
"شاهِد إثبات" للكاتب "بهاء
الدين حسن"، ماذا فعلت قوات شرطة المرافق عندما وصلت
للمكان المستهدف في قلب المدينة؟ ! (عندما وصلت الحملة إلى قلب المدينة، نزل الجميع واقتحمت الحملة سوق
الخضار ... هجم العساكر على الباعة السريحة، وقاموا بتحطيم عرباتهم بالهراوات،
وأخرجوا التجار من محلاتهم، وجيء بالباعة وأوقفوهم في طابور!! قلت لقائد الحملة
... – سواق التاكسي غير ممكن أن يكون مختبئًا في سوق الخضار "7")؛ كان البطل يظن أن كل ما يحدث من قبل قوات
شرطة المرافق هو الوصول إلى سائق التاكسي الذي رفض تشغيل العداد، إلا أن (تقدم قائد الحملة، عندما نزلت امرأة من سيارة فارهة، بملابس ملوثة
تظهر عليها آثار بقع من الطبيخ، وفقاعات صابون واصطحبها، بعد أن حيَّا الرجل
الجالس بالداخل يرتدي نظارة شمسية ويدخن السيجار؛ حيث يقف التجار والباعة السريحة
في طابور، فأشارت على أحدهم وقالت، وهي تجري نحو السيارة ... – هذا الرجل الذي
منعني أفرز الطماطم، ورفض أن يبيع لي يا سيدي... ).
بالطبع، فك الكاتب لغز
الأحداث بالخاتمة القصصية المدهشة، والتي أظهرت كم الإشكاليات الاجتماعية
والقانونية الموجودة بالمجتمع، والتي حاول المؤلف عرضها بصورة واقعية بشكل مكثف
جدًّا، فأحداث القصة كلها تدور في حدود ساعة أو على أقصى تقدير ساعتين من الزمن،
ولكن تُظهر كم التناقض في تطبيق القانون، صيغت في حكاية من حكايات الكوميديا
السوداء، قصة مليئة بكم كبير من المشاعر، بدأت بسلوكيات إيجابية من قبل البطل
الراوي، إلى أن صدم بوابل من الإحباط وخيبة الأمل في المشهد الختامي، ألا وهو
الكيل بمكيلين في تطبيق القانون لضبط سير وأداء الشارع؛ لا أحد ينكر جشع بعض
الباعة الجائلين، والذين يعتبرون أن الرصيف ملك لهم فقط دون مراعاة حقوق الآخرين
من تعطيل سيارات الإسعاف مثلًا والمرور، وعدم راحة المواطنين، ومن حق شرطة المرافق
مقاومتهم وإعادة الانضباط للشارع، وخاصة مع انتشار ظاهرة مقاومة السلطات والسلوك
العدواني من قبل بعض البائعين، ولكن إذا تم ضبط الشارع من هؤلاء الباعة، فهل نترك
سائقي التاكسي يفعلون بالمواطنين نفس أفعال الباعة الجائلين؟ يظل البطل يبحث ويطوف
كثيرًا على جميع إدارات الشرطة المختلفة، حتى يثبت مخالفة سائق التاكسي بعدم تشغيل
العداد ومنعه من الركوب، ولأنه مواطن عادي، وليس ذا منصب أو من أصحاب النفوذ من
رجال المال والأعمال، تحركت جميع قوات شرطة المرافق من آليات وأفراد وأسلحة للبحث
والقبض على أحد الباعة الجائلين من بائعي الطماطم؛ لرفضه البيع لخادمة أحد الكبار
ومنعه لها من فرز الطماطم، واختيار ما تريد من حباتها، وسبها وسب من تعمل لديه!
تعليقات
إرسال تعليق