إشكالية إثبات الجرائم الإلكترونية؛ وعقوبة اختراق المواقع الالكترونية وماهي آليات اثبات الجرائم المعلوماتية طبقا للقانون؟!! - الجرائم الالكترونية في مصر ودستورية مبدأ الشرعية الجنائية، الجزء الثانى
"إشكالية إثبات الجرائم الإلكترونية ".وعقوبة اختراق المواقع الالكترونية وماهي آليات اثبات الجرائم المعلوماتية طبقا للقانون؟!!الجرائم الالكترونية في مصر ودستورية مبدأ الشرعية الجنائية،الجزء الثانى ،،،،،،
كتب : أيمن محمد عبداللطيف
:
ملخص بايجاز
...
صاحب التطور التكنولوجى والتقني الحادث تطور
في كل مناحى الحياة، إن في اتجاه الخير أو في الاتجاه المعاكس) الشر، ( ومما انجرّ
على ذلك التطور تمتع الانسان بقسط وافر من الرفاهية وتيسير معاملاته في شتى الميادين،
هذا في الاتجاه الايجابي ،أما في الاتجاه السلبي فنحسب أن ذلك التطور صاحبه تطور خطير
في نوعية الجرائم ؛ اذ ظهرت الجريمة الالكترونية ” المعلوماتية”، والوسائل المستخدمة
فيها كما صاحب ذلك تطورا في نوعية المجرم.
الكلمات
المفتاحية: الجريمة الالكترونية. المجرم الالكتروني. الشرعية الجنائية. القاضي الجنائي.
مقدمة
:
يمكن القول إن العقود الأخيرة من القرن المنصرم
شهدت ثورة في مجال التكنولوجيا والاتصالات، مما أدى لظهور أجيال جديدة من وسائل الاتصال
عن بعد، والتى أعادت صياغة شكل العالم فأصبح العالم قرية صغيرة لا تعرف الحدود، وبالطبع
تم الاستفادة من هذه التكنولوجيا في مختلف القطاعات الحياتية في الدولة، وعلى جميع
المستويات خاصة بعد تطور نظم المعلومات وربطها بالأقمار الصناعية، وبالطبع تعقدت الجريمة
وتنوعت اساليب ارتكابها مستفيدة من هذا التطور التقنى المذهل فظهر ما يعرف بجرائم التقنية
او الجرائم المعلوماتية التى أخذت أبعادا جديدة بداية من ثمانينات القرن الماضي، حيث
كانت بدايات انتشار الحاسب الآلي وتطبيقاته بشكل عام،لحقه انتشار شبكة الإنترنت في
بداية التسعينيات من ذات القرن ، هذه الأخيرة التى برزت كأسرع وأقوى وسائل اتصال حديثة
في العالم اليوم.
أهمية الموضوع:
أدى التطور المتلاحق للإنترنت وانتشار أجيال
جديدة وأنواع مختلفة من أجهزة الحاسب الآلي إلى مضاعفة المخاطر والاعتداءات على الحريات
الشخصية والملكية الخاصة، بل وعلى مصالح الدولة مما حذا ببعض الدول أن تقر اتفاقيات
تقرر تجريم بعض الأفعال الحادثة عبر الوسائل الالكترونية أو بواسطتها، ومنها اتفاقية
بودابست لعام 2001، والقانون العربي النموذجي الموحد لمكافحة سوء استخدام تكنولوجيا
المعلومات والاتصالات ،والذي تم اقراره من قبل وزراء العدل العرب في اجتماعهم المشترك
في 12-22/5/2003، غير أننا لم نر له أثرا فعليا علي أغلب التشريعات الجنائية في الدول
العربية وبصفة خاصة مصر، فلا يوجد بها حتى الآن تشريع جنائي خاص بالجريمة الالكترونية
يقدم الحلول الناجعة لكافة المشكلات القانونية الناجمة عنها على الرغم من وجود بعض
النصوص القانونية التى تحتويها قوانين تنظم موضوعات مختلفة تناولت بعض صور التجريم
الالكتروني ِ،منها قانون الأحوال المدنية المصري رقم 143 لسنة 1994 ، قانون حماية الملكية
الفكرية رقم 82 لسنة 2002 ، قانون تنظيم الاتصالات 10 لسنة 2003، وقانون التوقيع الالكترونى
15 لسنة 2004، وقانون الطفل المعدل في 2008، إلا أن هذه القوانين لم تغط كافة صور التجريم
الالكتروني ، وهو ماكان له أثره السيء علي المجتمع بسبب عدم توفير الحماية القانونية
لأفراده خصوصا في ظل وجود مبدأ دستوري يحكم التجرم في مصر وهو مبدأ الشرعية الجنائية
والذي ورد النص عليه في المادة 95 من الدستور المصري الحالي الصادر في عام 2014 ،والتى
جرى نصها على أن ” العقوبة شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ،ولا توقع
عقوبة إلا بحكم قضائي ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون”، فمع
وجود ذلك النص الدستوري وغياب النص التشريعى العقابي يصبح القاضي الجنائي في حيرة من
أمره خصوصا عندما يعرض عليه فعل يشكل جريمة من الجرائم الالكترونية التي لا يجد لها
نصا صريحا يجرمها في قانون العقوبات، فكيف السبيل الى الحكم الشافي ؟ هل يحكم بالبراءة
إعمالا لمبدأ شرعية التجريم؟ أم يحاول إنزال حكم القانون في الجرائم التقليدية علي
تلك الجريمة أخذا بالتفسير القضائي الواسع للنصوص القانونية؟ذاك ما نصبو في هذا البحث
الإجابة عنه من خلال تحديد هذه المعضلة القانونية الواقعية، في ثلاثة مباحث كالآتي:
اولا : الجريمة الالكترونية.
ثانيا : الشرعية الجنائية للجريمة الالكترونية.
ثالثا: دور القاضي الجنائي في ظل غياب النص
العقابي للجريمة الالكترونية.
اولا : الجريمة الالكترونية
أسهم دخول التقنيات الحديثة في مجال الاتصالات
وتكنولوجيا المعلومات وشبكة الإنترنت إلى إفراز أنماط مستحدثة من الجرائم لم يكن للبشرية
سابق عهد بها، وتتميز هذه النوعية من الجرائم بأنها معقدة في طرق ارتكابها، ووسائل
كشفها، كما أنها ذات طابع دولي، لذلك أصبحت تمثل خطرا داهما يؤرق دول العالم بأسره،
وسنحاول في هذا المبحث التعرف على بعض جوانب الجريمة الالكترونية، من حيث المفهوم والطبيعة
القانونية، والخصائص، وغير ذلك من الأمور التي تساعد على فهم مبسط للجريمة الالكترونية.
(مفهوم الجريمة الالكترونية:)
من أهم موضوعات أي بحث التعريف بموضوع البحث
لأن التعريف هو الذي يبين مدى أهمية الموضوع، فضلاً عن كونه الوسيلة التى تكشف عن موضوعات
الدراسة وزواياها، ولهذه الأهمية التي يحظى بها التعريف ظلّ الفقهاء والمفكرون لا يتفقون
حول تعريف واحد وثابت لأي موضوع، وما ذلك إلا لاختلاف وجهات النظر واختلاف الزاوية
التى يتخذها كل فَقيه معيارا وأساسا لتعريفه، ونستطيع أن نقابل اتجاهين رئيسين في هذا
المجال، يهتم
الاتجاه الأول بالناحية العضوية أو الشكلية،
بينما يهتم الاتجاه الثانى بالناحية الموضوعية أو الوظيفية،
فعرّف فريق الجريمة الالكترونى بأنها” الاعتداء
غير القانونى الذي يرتكب بواسطة المعلومات الحاسوبية بغرض تحقيق الربح....
كما عرفت بأنها” كل فعل إجرامي متعمد أيا كانت
صلته بالمعلومات ينشأ عنه خسارة تلحق بالمجنى عليه أو كسب يحققه الفاعل وعرفت أيضا
بأنها” كل فعل غير مشروع يكون العلم بتكنولوجيا الحاسبات الآلية بقدر كبير لازما لارتكابها
من ناحية، ولملاحقته وتحقيقه من ناحية أخرى”، بينما عرفها فريق آخر بأنها” كل جريمة
تتم في محيط أجهزة الكمبيوتر” أو هي” كل سلوك غير مشروع أو غير أخلاقي أو غير مصرح
به يتعلق بالمعالجة الآلية للبيانات أو بنقلها
، كما تعرف أيضا بأنها” كل نشاط إجرامي تستخدم
فيه تقنية الحاسب الآلي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة كوسيلة أو هدف لتنفيذ الفعل الإجرامى
المقصود”.
خصائص الجرائم الالكترونية: تتميز الجرائم الالكترونية
بعدد من الخصائص تميزها عن غيرها من الجرائم التقليدية هي:
ترتكب بواسطة شبكة الإنترنت: أي تستخدم شبكة
الإنترنت كأداة لارتكاب الجريمة أو تسهيل ارتكابها؛ إذ تعد شبكة الإنترنت حلقة الوصل
بين كافة الأهداف المحتملة لتلك الجرائم كالبنوك والشركات بكافة أنواعها والأشخاص وغيرها
،والتي غالبا ما تكون الضحية.
مرتكب الجريمة مجرم ذو خبرة في استخدام الحاسب
الآلي والإنترنت.
الجرائم الالكترونية لا تعرف الحدود المكانية
ولا الحدود الزمنية لأنها ترتكب عبر شبكة الإنترنت لا تحدها حدود جغرافية كحدود دولة
بعينها، فالعالم كله يمكن أن يكون مسرحا لارتكاب الجريمة، كما لا يحدها زمان معين رغم
الاختلاف في المواقيت بين الدول.
الجرائم الالكترونية تتسم بالخطورة البالغة:
وذلك من عدة نواحِ فمن ناحية: الخسائر الناجمة عنها كبيرة جدا قياسا بالجرائم التقليدية
وبصفة خاصة جرائم الأموال، ومن ناحية ثانية: نجدها ترتكب من فئات إجرامية متعددة تجعل
من الصعب معرفة الفاعل، ومن ناحية أخيرة: تنطوى على سلوكيات غير مألوفة.
صعوبة التحري والتحقيق في هذه الجرائم ومن ثم
محاكمة مرتكبها: فهناك صعوبة في ملاحقة مرتكب هذه الجرائم، ولو تم التوصل إليه فمن
السهل اتلاف الأدلة من قبل الجناة، كما أن هذه الجرائم لا تحدها حدود، فهى جرائم عابرة
للحدود مما يثير تحديات ومعوقات في حقل الاختصاص القضائي والقانون الواجب التطبيق ومتطلبات
التحقيق والملاحقة والضبط والتفتيش.
الدافع لارتكاب جرائم الإنترنت يختلف عن دافع
الجرائم التقليدية، فالبعض يرتكب الجريمة الالكترونية لولعه في الحصول على المعلومات
الجديدة مثل القراصنة، أو للاستيلاء على المعلومات الموجودة على جهاز الكمبيوتر أو
حذفها أو تدميرها أو الغائها نهائيا، وقد يكون الدافع الرغبة في قهر النظام الالكتروني
بغرض تحقيق شهرة وإثبات التفوق العلمى لديه، وهى تكون بين الشباب، وقد تكون لاستهداف
بعض الأشخاص والجهات([7]).
سمات المجرم المعلوماتي: يتميز المجرم الالكتروني
بعدد من السمات والخصائص التي تجعله مختلفا عن المجرم التقليدى والتي منها :
مجرم ذكي:
يعتبر الذكاء من أهم صفات المجرم المعلوماتي
لأنه يتطلب منه الإلمام التام بتقنية بتكنولوجيا المعلومات والقدرة على تعديل وتغيير
برامج الحاسب الآلي.
مجرم محترف:
يتصف مرتكب الجريمة الالكترونية بأنه على درجة
عالية من الخبرة والمهارة في استخدام الحاسب الآلي، والتكنولوجيا الحديثة.
مجرم غير عنيف:
ينتمي الإجرام الالكتروني في غالبه الأعم إلى
إجرام الحيل، وهذا النوع من الإجرام لا يستلزم مقدارا من العنف للقيام به.
مجرم متكيف اجتماعيا: فلا يضع المجرم الالكتروني
نفسه في حالة عداء مع المجتمع الذي يحيط به، بل إن ذكاءه يدفعه للتكيف مع المجتمع،
و كلما ازداد تكيفه مع المجتمع كلما زادت خطورته الإجرامية.
الميل إلى ارتكاب الجرائم : يتميز مرتكبو الجرائم
الالكترونية بفرط في النزعة الإجرامية والميل إلى ارتكاب الجرائم.
الميل إلى التقليد:
أغلب الجرائم الالكترونية تتم من خلال محاولة
الفرد تقليد غيره بالمهارات الفنية التى لديه مما يؤدي لارتكابه للجريمة
تصنيف الجرائم الالكترونية: تتعدد صور الجريمة
الالكترونية ” الجريمة المعلوماتية” إلا أنها تتفق جميعها في الوسيلة المستخدمة لارتكابها
وهي الأجهزة التقنية الحديثة من حاسبات آلية وخلافها، وكلها تتم عبر شبكة الإنترنت،
وقد عددت اتفاقية بودابست المتعلقة بالإجرام الكوني” الإجرام المعلوماتى” والموقعة
من الإتحاد الأوربي في 23/11/ 2001، وصور الجرائم الالكترونية التي عددتها الاتفاقية
هي الصور الممثلة للإجرام المعلوماتي الحادث الآن و تتمثل في الآتي:
أولاً: الجرائم ضد سرية وسلامة وإتاحة البيانات
والنظم المعلوماتية: و قد عددت الاتفاقية صور هذه الجرائم في الآتي:
الولوج غير القانونى : وهو يعني الدخول غير
المشروع لنظام معلوماتي مملوك للغير ” القرصنة” والتي قد تكون بهدف إتلاف أو تدمير
النظام المعلوماتي للغير أو الحصول علي معلومات وبيانات سرية مملوكة للغير أو التدخل
بتغيير البيانات المخزنة في النظام المعلوماتي المملوك للغير وهو ما يطلق عليه الغش
أو التزوير المعلوماتي.
الاعتراض غير القانونى: وهى جريمة انتهاك الحق
في الخصوصية والتى تحدث عندما يتم اعتراض المراسلات الالكترونية والاتصالات الالكترونية
الخاصة بالغير. وهذه الجريمة تتعلق بكافة أشكال النقل الالكتروني للبيانات سواء عن
طريق التليفون أو الفاكس أو البريد الالكتروني أو غير ذلك من الوسائل التقنية الحديثة.
الاعتداء علي سلامة البيانات: و تتمثل في الاعتداء
عمدا على البيانات والبرامج الخاصة بجهاز الحاسب الآلي المملوك للغير بهدف تعطيل الجهاز
أو محو و طمس بيانات الحاسب الآلي.
الاعتداء على سلامة النظام: وهي تتمثل في الأفعال
التي تحمل اعتداء على حسن تشغيل نظام الحاسب الآلي بشكل جسيم مما يؤدي لتوقف النظام
عن العمل مثل الإعتداء من خلال استخدام الفيروسات.
إساءة استخدام أجهزة الحاسب: أي كل فعل مجرم
قانونا يتم من خلال استخدام الحاسب الآلي.
ثانيا: الجرائم المعلوماتية المتصلة بالحاسب
وتتمثل في الآتي:
الاحتيال المعلوماتي أو التزوير و الغش المعلوماتيين
: ويقصد به الخداع أو الغش المعلوماتي الذي يقوم علي التلاعب في نظم المعالجة الآلية
للمعلومات بهدف الحصول دون وجه حق علي خدمات أو أموال أو أصول معينة، ويقوم الجاني
في هذه الجريمة باستخدام التقنيات الحديثة بغية التلاعب في البيانات المصرفية ونتائج
الميزانيات والمستحقات المالية، فيتم تحويل تلك الأموال في ثوانٍ معدودة من حساب إلى
آخر، وتتمثل خطورة هذا الفعل الإجرامي في كونه يتم عبر الحدود الإقليمية لأكثر من دولة
وفي ثوان معدودة، وهو ما يجعله بالغ الأثر السلبي على الاقتصاد القومى ؛ إذ من الممكن
أن يؤدي ارتكاب مثل هذه الجريمة إلى إفلاس شركات أو بنوك كبرى في الدولة
الجرائم المتصلة بمحتوى الحاسب الآلي: وهي تتعلق
بجرائم إنتاج ونشر المواد الإباحية الخاصة بالأطفال وبيع الأطفال والإتجار فيهم والترويج
لدعارة الأطفال.
الجرائم المتصلة بالاعتداءات الواقعة علي الملكية
الفكرية والحقوق المجاورة: وهي تعد من الجرائم الالكترونية الأكثر شيوعا وانتشارا وتستهدف
الأعمال الأدبية والتصويرية والموسيقية والسمعية البصرية، وذلك نظرا للسهولة التى يمكن
من خلالها عمل نسخ غير مصرح بها عن طريق التكنولوجية الرقمية، مما يضر بالحقوق المالية
للمالكين والمنتجين.
أما الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية
المعلومات فلم تقم بعمل تصنيف مشابه للاتفاقية السابقة بل قامت بسرد للجرائم الالكترونية
علي سبيل المثال مثل جرائم استخدام وسائل المعلومات، وجرائم الاحتيال والإباحية، وجرائم
الاستغلال الجنسي، وحرمة الاعتداء علي الحياة الخاصة، وما يتعلق بالإرهاب والجريمة
المنظمة([11]).
وهناك من الفقه من صنف الجرائم الالكترونية
تحت نوعين من الجرائم على حسب الأداة المستخدمة في ارتكابها([12]):
النوع الأول:web crime computer : وهو يتعلق بجرائم الشبكة
العالمية التي تستخدم الحاسب وشبكاته كوسيلة مساعدة لارتكاب جريمة مثل استخدامه في
النصب والاحتيال وغسل الأموال وتشويه السمعة والسب والقذف، وفي هذا النوع من الجرائم
يكون الحاسب الآلي محتفظا بأدلة رقمية تساعد في كشف الفاعل.
النوع الثانى: crime computer : وهو يتعلق بالجرائم
التي يكون الحاسب فيها محلا للفعل الإجرامي ذاته كالأفعال الإجرامية الواقعة على مكونات
الحاسب المادية، أو المكونات المعنوية soft ware أو
قاعدة البيانات ، date bases أو المعلومات التي قد تكون علي
الحاسب من خلال الحصول غير المشروع عليها ونشرها” انتهاك الملكية الفكرية” ، أو من
خلال تسجيل مواد اباحية عليه.
وهناك جانب أخر من الفقه قسم الجرائم الالكترونية
إلى جرائم تقليدية: ترتكب عن طريق استخدام الحاسب الآلي وهي جرائم السرقة والنصب وخيانة
الأمانة والاتلاف والتصنت إلى غير ذلك من الجرائم، وجرائم مستحدثة مثل جرائم التجسس
والقرصنة، وبعضهم قسم الجرائم الالكترونية حسب المصلحة المحمية بالقانون إلى الجرائم
الالكترونية التي تمثل الاعتداء على الأشخاص، والجرائم الالكترونية التي تمثل اعتداء
على الأموال، والجرائم الالكترونية التي تمثل اعتداء على البيانات، والجرائم الالكترونية
التي تمثل اعتداء على الآداب العامة وحقوق الملكية الفكرية، والجرائم الالكترونية ذات
الصلة بالإجرام المنظم والجرائم السياسية([13]).
ومما سبق تقديمه من تقسيمات يتضح أنه لكي يدخل
الفعل في إطار الجرائم الالكترونية يجب أن يقوم جهاز الحاسب الآلي في الجريمة بدور
على قدر من الأهمية، ويقصد بجهاز الحاسب الآلي في هذا المقام المكونات المنطقية للحاسب
الآلي من معلومات وبرامج وكذلك جميع المكونات الأخرى التي تساعد في عملية المعالجة
الآلية للمعلومات، ويكمن هذا الدور في كون النظام قد ساعد وسهل في ارتكاب الفعل على
نحو كبير، ويختلف دور الحاسب الآلي في الجريمة الالكترونية من جريمة لأخرى([14]).
المبحث الثانى
الشرعية الجنائية للجريمة الالكترونية
لا شك في أن التجريم والعقاب يعد من أخطر الأمور
التشريعية التي تتصل بحرية المواطنين وذلك بسبب خطورة الآثار التى تترتب عليه، ولذلك
فإن النصوص التشريعية التي تصدر به، يتعين أن تصدر دائما وفقاً لمبدأ الشرعية الجنائية([15])،
الذي نحاول فيما يأتي إلقاء الضوء عليه.
دستورية الشرعية الجنائية للجريمة الالكترونية:
تعد الدولة القاسم المشترك بين القانون الدستوري والقانون الجنائي، فالدستور ينظم نشاط
الدولة من الناحية السياسية، والقانون الجنائي ينظم نشاطها من الناحية الجنائية من
خلال تنظيم علاقة الفرد بالدولة، وعلاقة الأفراد بعضهم مع بعض، ومن مظاهر الصلة ما
تتضمنه الدساتير من نصوص ذات صبغة جنائية بدافع الرغبة في فرض حماية الدستور وإسباغه
بطابع القدسية عليها لتعلقها بحقوق الأفراد وحرياتهم، فالعلاقة وثيقة بين القانون الدستوري
والقانون الجنائي ؛ ذلك أن مبادىء الدستور تسهم في تحديد مضمون القانون الجنائي ذاته
بحيث يتوقف تحديد الجرائم على تطوير المباديء الدستورية أكثر من اعتماده على تطوير
القيم والمصالح الاجتماعية، وفي ضوء ذلك يؤدي القانون الجنائي وظيفته في الدولة في
إطار الشرعية الدستورية على النحو الذي يحدده الدستور([16])، وقد قام القانون الجنائي
على عدد من المبادىء الدستورية، والتي يعد أهمها هو “مبدأ الشرعية الجنائية”([17])،
الذي يمثل حجر الزاوية للنظام الجنائي بأسره، فمنه تتفرع وحوله تدور كافة المبادئ التي
تحكم القواعد الجنائية موضوعية كانت أو اجرائية([18])، ويقصد به بصفة عامة” أن التشريع
هو المصدر الأساسي للتجريم والعقاب، وأن السلطة التشريعية هي وحدها المختصة بتحديد
الجرائم والعقوبات دون السلطتين القضائية والتنفيذية، وأن القاضي مهمته تطبيق النصوص
التي وضعها المشرع”([19]).
ويرجع تاريخ هذا المبدأ في القانون الوضعي إلى
تاريخ الفصل بين سلطات الدولة ؛ إذ قبل ذلك كان للملك وحده سلطة تجريم الأفعال بمطلق
إرادته([20])، ثم انتقل الأمر في القرون الوسطى للقضاة فكان القضاة يملكون سلطة تحكمية
في تجريم الأفعال والعقاب عليها دون نص في القانون، حتى نص على ذلك المبدأ بداية من
صدور ميثاق هنري الأول في انجلترا، ثم دستور كلاريندون ، وأكد عليه العهد الأعظم ،
وجاءت الثورة الفرنسية لتؤكد عليه في المادة الثانية من إعلان حقوق الإنسان والمواطن
الصادر عام 1789، ثم جاء الإعلان العالمى لحقوق الإنسان الصادر عام 1948 ليؤكد عليه
، وتضمنته الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان الصادرة عام 1950 ، وكذلك العهد الدولي
للحقوق المدنية والسياسية لعام1966
. ومن هنا يعد هذا المبدأ من المبادىء الدستورية
ذات الطابع العالمي ، ويرجع الفضل في ظهوره للنور إلى الفقيه الإيطالي ” شيزاري دي
بكاريا” صاحب الكتاب الشهير” الجرائم والعقوبات” الذي أصدره في سنة 1764، وقد جاء فيه
أن” القوانين وحدها هي التى تحدد العقوبات التى تقابل الجرائم…”،”….ولا يستطيع القاضي
أن يوقع سواها”([21]).
المحكمة الدستورية العليا في مصر ومبدأ الشرعية
الجنائية للجريمة الالكترونية: كان للمحكمة الدستورية العليا في مصر دور كبير في إرساء
دعائم مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات باعتبارها أحد تطبيقات فكرة الأمن القانوني، فعملت
علي استجلاء حقيقته وفحواه ودلالته وماهيته ومداه والضوابط التي تقيده، ووضعت الضوابط
الصحيحة لتفويض السلطة التنفيذية في بعض جوانب التجريم والعقاب، واستخلصت فكرة عدم
جواز توقيع عقوبة إلا بناء على حكم قضائي، ومفهوم الجريمة من الناحية القانونية، ووضعت
الضوابط التي بموجبها تباشر رقابتها على دستورية النص الجنائي([22]).
أكدت المحكمة الدستورية العليا علي أهمية مبدأ
الشرعية الجنائية فقضت بأن” استقرار مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في مفاهيم الدول
المتحضرة، دعا إلى توكيده ، ومن ثم وجد صداه في عديد المواثيق الدولية من بينها الفقرة
11 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والفقرة الأولي من المادة 15 من العهد الدولى
للحقوق المدنية والسياسية، والمادة 7 من الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان كما
تردد في العديد من الدساتير، ” فغدا أصلا ثابتا وضمانة ضد التحكم، فلا يؤثم القاضي
أفعالاً ينتقيها ولا يقرر عقوباتها وفق اختياره، إشباعا لنزوة أو انفلاتا عن الحق والعدل
. وصار التأثيم بالتالي – وبعد زوال السلطة المنفردة ، عائدا إلى المشرع؛ إذ يقرر للجرائم
التي يحدثها عقوباتها التي يجرمها، ويفسر هذا المبدأ بأن القيم الجوهرية التي يصدر
القانون الجنائي لحمايتها، لا يمكن بلورتها إلا من خلال السلطة التشريعية التي انتخبها
المواطنون لتمثيلهم، وأن تعبيرها عن إرادتهم يقتضي أن تكون بيد سلطة التقرير في شأن
تحديد الأفعال التي لا يجوز تأثيمها وعقوبتها لضمان مشروعيتها. ومن ثم كان المبدأ لازما
لتمكين المواطنين من الاتصال بتلك القيم التي يقوم عليها بنيان مجتمعهم، بما يوحد بينهم
ويكفل تماسكهم اجتماعيا فلا يزدرونها”([23]).
أكدت على ارتباط مبدأ الشرعية الجنائية والسياسية
الجنائية للدولة في حكمها ؛لأن” السياسة الجنائية الرشيدة يتعين أن تقوم علي عناصر
متجانسة، فإن قامت علي عناصر متنافرة نجم عن ذلك افتقاد الصلة بين النصوص ومراميها،
بحيث لا تكون مؤدية إلى تحقيق الغاية المقصودة منها لانعدام الرابطة المنطقية بينهما،
إيمانا بأن الأصل في النصوص التشريعية – في الدولة القانونية- هو ارتباطها عقلا بأهدافها
،باعتبار أن أي تنظيم تشريعي ليس مقصودا لذاته، وإنما هو مجرد وسيلة لتحقيق تلك الأهداف.
ومن ثم يتعين دائما استظهار ما إذا كان النص المطعون عليه يلتزم إطار منطقيا للدائرة
التي يعمل فيها، كافلا تناغم الأغراض التي يستهدفها أو متناقضا مع مقاصده أو مجاوزا
لها مناهضا – بالتالي لمبدأ خضوع الدولة للقانون”([24]).
أكدت على ارتباط مبدأ الشرعية الجنائية والعدالة
الجنائية للدولة في حكمها لأن” العدالة الجنائية في جوهر ملامحها، هي التي يتعين ضمانها
من خلال قواعد محددة تحديدا دقيقاً، ومنصفا، يتقرر على صونها ما إذا كان المتهم مدانا
أو بريئا، ويفترض ذلك توازنا بين مصلحة الجماعة في استقرار أمنها، ومصلحة المتهم هي
ألا تفرض عليه عقوبة ليس لها من صلة بفعل أتاه، أو تفتقر هذه الصلة إلى دليل يؤكدها،
ولا يجوز النزول عنها أو التفريط فيها”([25]).
أكدت على ضمانات تطبيق مبدأ الشرعية الجنائية
فقضت بأن” النطاق الحقيقي لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، إنما يتحدد علي ضوء ضمانتين
تكفلان الأغراض التي توخاها: أولهما: أن تصاغ النصوص العقابية بطريقة واضحة محددة لا
خفاء فيها أو غموض، فلا تكون هذه النصوص شباكاً أو شراكاً يلقيها المشرع متصيدا باتساعها
أو بخفائها من يقعون تحتها أو يخطئون مواقعها، وهي بعد ضمان غايتها أن يكون المخاطبون
بالنصوص العقابية على بينة من حقيقتها، فلا يكون سلوكهم مجافٍ لها بل متسقا معها .
وثانيهما: ومفترضها أن المرحلة الزمنية التى
تقع بين دخول القانون الجنائي حيز التنفيذ وإلغاء هذا القانون، إنما تمثل تلك الفترة
التى كان يحيا خلالها، فلا يطبق على أفعال أتاها جناتها قبل نفاذه، بل يتعين أن يكون
هذا القانون سابقا عليها فلا يكون رجعيا”([26]).
أكدت على حدود تفسير القاضي للنص الجنائي بقضائها
بأن” لا يجوز إعمال نصوص عقابية يسيء تطبيقها إلى مركز قائم لمتهم، ولا تفسيرها بما
يخرجها عن معناها أو مقاصدها، ولا مد نطاق التجريم – وبطريق القياس- إلى أفعال لم يؤثمها
القاضي من بينها ما يكون أكثر ضمانا للحرية الشخصية في إطار علاقة منطقية يقيمها بين
هذه النصوص وإرادة المشرع، سواء في ذلك تلك التي أعلنتها، أو التي يمكن افتراضها عقلاً”([27]).
مبررات ونتائج مبدأ الشرعية الجنائية للجريمة
الالكترونية :هناك عدة مبررات ونتائج طرحها الفقه للترويج لمبدأ الشرعية الجنائية ويمكن
حصرها في الآتي:
أولاً: مبررات مبدأ الشرعية الجنائية للجريمة
الالكترونية:
تحقيق مبدأ العدالة : فاحترام الذات الإنسانية
يتطلب حصر الأفعال غير المشروعة الكترونيا في صورة جرائم الكترونية، وأن تتحدد تحديدا
دقيقا العقوبات التى عن طريقها يواجه الشارع هذه الجرائم وأن يتم إعلام المجتمع جميعا
بهذه الجرائم والعقوبات.
تحقيق مبدأ الفصل بين السلطات: فهناك سلطة ممثلة
من الشعب تتولى وضع نصوص التجريم والعقاب بالنسبة للجرائم الالكترونية، وهناك سلطة
قضائية تتولى تطبيق هذه النصوص ثم هناك سلطة تنفيذية تتولى تنفيذ ما يصدر عن السلطة
القضائية من أحكام في هذا الشأن.
تحقيق مبدأ الردع العقابي.ذلك عن طريق إعلام
المخاطبين بالقانون بنصوص التجريم والعقاب المقررة للجرائم الالكترونية ومضمونها والعقوبات
المقررة لها ،
مما يؤدي إلي إحجامهم عن إرتكاب الجريمة مخافة
الحكم عليهم بهذه العقوبة، كما يؤدي باقتناع مرتكب الجريمة الالكترونية بالعقوبة المطبقة
عليه.
تحقيق مبدأ المساواة في العقاب: فالنصوص الخاصة
بالتجريم والعقاب للجرائم الالكترونية تصاغ بشكل عام ومجرد بحيث تطبق على الكافة، بل
وعلى جميع الوقائع دون تمييز، وهذا سيؤدى إلى تحقيق المساواة بين الأفراد أمام القانون
فلا يختلف تطبيق القانون على حسب الوضع الاجتماعي أو صفة الجاني([28]).
ثانياً: نتائج مبدأ الشرعية الجنائية للجريمة
الالكترونية:
بالنسبة للمشرع: تختص السلطة التشريعية وحدها
بمهمة التشريع الجنائي للجرائم الالكترونية، وتلتزم عند وضعها للنصوص الجنائية ألا
تتعسف في استعمال حقها في التجريم، بحيث لا يجرم المشرع إلا الأفعال الالكترونية التي
تمثل اعتداء على المصالح الأساسية للأمة، وإن كان من الصعب تحديد المصالح الأساسية
للأمة التي يقوم عليها بنيان المجتمع ، إلا أنه يكفي في هذا السياق ألا يقوم المشرع
الجنائي بحماية مصالح لا تشكل قيمة لدى المجتمع أو لدى أغلب أفراده([29])، والنص على
عدم سريان نصوص تجريم الجرائم الالكترونية على الوقائع الحادثة قبل صدور نصوص التجريم،
بل يقتصر سريانها على المستقبل وهو ما يمكن أن يعبر عنه بمبدأ عدم رجعية النصوص الجنائية
للجريمة الالكترونية ، كما يجب على المشرع الجنائي التزام الوضوح التام في النصوص الجنائية([30])،
فلا يجوز أن يلجأ عند إقراره لنصوص التجريم الالكترونى إلى أسلوب ” النماذج المفتوحة”
باستخدام عبارات غامضة أو حمالة أوجه([31]).
أوجه([31]).
بالنسبة للقاضي: يلتزم بتطبيق النص الجنائي
المتعلق بالجريمة الالكترونية دون تعديل بالإضافة أو بالحذف سواء بالنسبة لشق التجريم
أو العقاب، فيتعين عليه في البداية أن يحدد ما إذا كانت الواقعة تندرج تحت أحد النماذج
الإجرامية التى قررها المشرع أم لا ، فإذا لم يثبت ذلك وجب الحكم ببراءة المتهم، أماإذا
كانت الواقعة مجرمة وجب عليه أن يضع لها التكييف القانوني السليم.
بالنسبة للسلطة التنفيذية : تلتزم الجهات القائمة
على التنفيذ العقابي بتنفيذ الحكم بذات الأوضاع التي نص عليها القانون، وبالتالي فإن
الإدارة لا تستطيع أن تنفذ عقوبة لم يقض بها حكم قضائي أو أن تحل نفسها محل القضاء
في تطبيق العقوبة، أو أن تظل تنفذ العقوبة على خلاف مقتضى الحكم القضائي([32]).
الشرعية
الجنائية للجريمة الالكترونية في مصر:
علي الرغم من أن المادة 31 من الدستور المصري
الصادر عام 2014 جاءت نصا دستوريا صريحا يشير إلى وجوب الحفاظ على المعلومات والبيانات
الالكترونية ؛ إذ جرى نصها علي أن” أمن الفضاء المعلوماتي جزء أساسي من منظومة الاقتصاد
والأمن القومي، وتلتزم الدولة بإتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ عليه، على النحو الذي
ينظمه القانون”؛ إلا أنه حتى الآن لا يوجد بمصر تشريع عقابي متكامل خاص بالجرائم الالكترونية،
كل ما هناك أنه توجد بعض النصوص القانونية المتناثرة في قوانين مختلفة تتحدث عن بعض
العقوبات المرتبطة ببعض الجرائم الالكترونية منها قانون الاحوال المدنية المصري رقم
143 لسنة 1994 والذي نظم في عدد من مواده تجريم تعديل بيانات الأحوال الشخصية للمواطنين
المسجلة على الحاسب الآلي أو الوسائط الالكترونية الموجودة بمصلحة الأحوال المدنية
التابعة لوزارة الداخلية بالتزوير أو الاتلاف أو الاطلاع عليها دون وجه حق ، وذلك في
عدد من المواد منها المادة 72 من القانون والتى جاءت تنص على أن” فى تطبيق أحكام هذا
القانون وقانون العقوبات تعتبر البيانات المسجلة بالحاسبات الآلية وملحقاتها بمراكز
معلومات الأحوال المدنية ومحطات الإصدار الخاصة بها المستخدمة في إصدار الوثائق وبطاقات
تحقيق الشخصية بيانات واردة في محررات رسمية .فإذا وقع تزوير في المحررات السابقة أو
في غيرها من المحررات الرسمية ، تكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن لمدة
لا تقل عن خمس سنوات”، والمادة 74 من القانون والتي جاء في نصها” مع عدم الإخلال بأية
عقوبة شديدة منصوص عليها في قانون العقوبات أو في غيره من القوانين،كأن يعاقب بالحبس
مدة لا تجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تزيد عن خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل
من اطلع أو شرع في الاطلاع أو حصل أو شرع في الحصول على البيانات أو المعلومات التي
تحتويها السجلات أو الحاسبات الآلية أو وسائط التخزين الملحقة بها أو قام بتغييرها
بالإضافة أو بالحذف أو بالإلغاء أو بالتدمير أو بالمساس بها بأي صورة من الصور أو أذاعها
أو أفشاها في غير الأحوال التي نص عليها القانون ووفقا للإجراءات المنصوص عليها فيه
، فإذا وقعت الجريمة على البيانات أو المعلومات أو الإحصاءات المجمعة تكون العقوبة
السجن”، و المادة 75 من القانون التي تنص على أنه” يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ستة أشهر
وغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل
من عطل أو أتلف الشبكة الناقلة لمعلومات الأحوال المدنية، أو جزءا منها وكان ذلك ناشئا
عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين واللوائح والأنظمة .فإذا
وقع الفعل عمدا تكون العقوبة السجن مع عدم الإخلال بحق التعويض فى الحالتين”، اما المادة
76 من القانون فتصرح بأنه ” يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة كل من اخترق أو حاول اختراق
سرية البيانات أو المعلومات أو الإحصاءات المجمعة بأية صورة من الصور وتكون العقوبة
الأشغال الشاقة المؤيدة إذا وقعت الجريمة فى زمن الحرب”.
وقد قرر قانون حماية الملكية الفكرية رقم
82 لسنة 2002 في بعض مواده حماية السرقات الأدبية عبر شبكة الإنترنت فجاء نص المادة
140 منه للحديث عن نوعية من جرائم الإنترنت فنص على أنه” تتمتع بحماية هذا القانون
حقوق المؤلفين على مصنفاتهم الأدبية والفنية، وبوجه خاص المصنفات الآتية:الكتب والكتيبات
والمقالات والنشرات من الحاسب الآلي أو من غيره. من برامج الحاسب الآلي وقواعد البيانات
سواء أكانت مقروءة من الحاسب الآلي أو من غيره من المحاضرات، والخطب، والمواعظ، وأية
مصنفات شفوية أخرى إذا كانت مسجلة……”، وجاء نص المادة 181 من القانون ناصا على العقوبة
وجرى على أن” مع عدم الإخلال في أية عقوبة أشد في أي قانون آخر، يعاقب بالحبس مدة لا
تقل عن شهر وبغرامة لا تقل عن خمسة آلف جنيه ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين
العقوبتين، وكل من أرتكب أحد الأفعال الآتية:……………….
رابعاً: نشر مصنف أو تسجيل صوتي أو برنامج إذاعي
أو أداء محمي طبقاً لأحكام هذا القانون عبر أجهزة الحاسب الآلي أو شبكات الإنترنت أو
شبكات المعلومات أو شبكات الاتصال أو غيرها من الوسائل دون إذن كتابي مسبق من المؤلف
أو صاحب لحق المجاور. ………………سادساً: الإزالة أو التعطيل أو التعييب بسوء نية بأية حماية
تقنية يستخدمها المؤلف أو صاحب الحق المجاور كالتشفير أو غيره………..وفي حالة العود تكون
العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر والغرامة التي لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا
تجاوز خمسين آلف جنيه. وفي جميع الأحوال تقضي لمحكمة بمصادرة النسخ محل الجريمة أو
المتحصلة منها وكذلك المعدات والأدوات المستخدمة في ارتكابها. ويجوز للمحكمة عند الحكم
بالإدانة أن تقضي بغلق المنشأة التي استغلها المحكوم عليه في ارتكاب الجريمة مدة لا
تزيد عن ستة أشهر، ويكون الغلق وجوبيا في حالة العود في الجرائم المنصوص عليها في البندين
ثانياً وثالثاً من هذه لمادة. وتقضي المنشأة بنشر ملخص الحكم بالإدانة في جريدة يومية
أو أكثر على نفقة المحكوم عليه”.
كما نظم قانون تنظيم الاتصالات 10 لسنة
2003 بعض جرائم الإنترنت فنص في المادة 73 منه على أن” يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن
ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين
العقوبتين ، كل من قام أثناء تأدية وظيفته في مجال الاتصالات أو بسببها بأحد الأفعال
الآتية:
1-إذاعة أو نشر أو تسجيل لمضمون رسالة اتصالات
أو لجزء منها دون أن يكون له سند قانونى فى ذلك. 2- إخفاء أو تغيير أو إعاقة أو تحوير
أية رسالة اتصالات أو لجزء منها تكون قد وصلت إليه.3- الامتناع عمداً عن إرسال رسالة
اتصالات بعد تكليفه بإرسالها.4-إفشاء أية معلومات خاصة بمستخدمي شبكات الاتصال أو عما
يجرونه أو ما يتلقونه من اتصالات وذلك دون وجه حق” ، كما نص المادة 75 منه علي أن”
يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز مائه ألف جنيه أو بإحدى هاتين
العقوبتين ، كل من قام بإفشاء أو نشر أو إذاعة أية معلومات حصل عليها بحكم وظيفته أو
بسببها عن منشأة عاملة فى مجال الاتصالات متى كان من شأن ذلك أن يؤدى إلى قيام منافسة
غير مشروعة بين المنشآت العاملة فى هذا المجال”.
وقد جاء قانون التوقيع الالكتروني15 لسنة
2004 لينظم بعض صور الجرائم الالكترونية فنص في المادة 23 منه على أنه ” مع عدم الإخلال
بأية عقوبة اشد منصوص عليها في قانون العقوبات أو في أي قانون آخر ، يعاقب بالحبس وبغرامة
لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من
: (أ) أصدر شهادة تصديق الكتروني دون الحصول على ترخيص بمزاولة النشاط من الهيئة.
(ب) أتلف أو عيّب توقيعا أو وسيطا أو محررا الكترونيا ، أو زوّر شيئا من ذلك بطريق
الاصطناع أو التعديل أو التحوير أو بأي طريق آخر . ( ج) استعمل توقيعا أو وسيطا أو
محررا الكترونيا معيبا أو مزورا مع علمه بذلك. (د) خالف أيّا من أحكام المادتين
(19) ، (21) من هذا القانون ([33]). ( هـ) توصّل بأية وسيلة إلى الحصول بغير حق على
توقيع أو وسيط أو محرر الكتروني او اخترق هذا الوسيط أو اعترضه أو عطله عن أداء وظيفته
،وتكون العقوبة على مخالفة المادة(13) من هذا القانون ، الغرامة التي لا تقل عن خمسة
ألاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه([34]). وفي حالة العود تزاد بمقدار المثل المقررة
، العقوبة المقررة لهذه الجرائم في حديها الأدنى والأقصى . وفي جميع الأحوال يحكم نشر
حكم الإدانة في جريدتين يوميتين واسعتي الانتشار ، وعلى شبكات المعلومات الالكترونية
المفتوحة على نفقة المحكوم عليه”.
كما تناول قانون الطفل المعدل بالقانون رقم
126 لسنة 2008 في المادة 116 مكرر أ منه الاستغلال الجنسي للأطفال عبر شبكة الإنترنت
والذي جاء نصها” يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه،
ولا تجاوز خمسين ألف جنيه كل من استورد أو صدر أو أنتج أو أعد أو عرض أو طبع أو روج
أو حاز أو بث أي أعمال إباحية يشارك فيها أطفال أو تتعلق بالاستغلال الجنسي للطفل،
ويحكم بمصادرة الأدوات والآلات المستخدمة في ارتكاب الجريمة والأموال المتحصلة منها،
وغلق الأماكن محل ارتكابها مدة لا تقل عن ستة أشهر، وذلك كله مع عدم الإخلال بحقوق
الغير حسن النية.
ومع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها في
قانون آخر، يعاقب بذات العقوبة كل من:
استخدم الحاسب الآلي أو الإنترنت أو شبكات المعلومات
أو الرسوم المتحركة لإعداد أو لحفظ أو لمعالجة أو لعرض أو لطابعة أو لنشر أو لترويج
أنشطة أو أعمال إباحية تتعلق بتحريض الأطفال أو استغلالهم في الدعارة والأعمال الإباحية
أو التشهير بهم أو بيعهم.
استخدام الحاسب الآلي أو الإنترنت أو شبكات
المعلومات أو الرسوم المتحركة لتحريض
الأطفال على الإنحراف أو لتسخيرهم في ارتكاب
جريمة أو على القيام بأنشطة أو أعمال غير مشروعة أو منافية للأداب، ولو لم تقع الجريمة
فعلاً.
ويتضح من العرض السابق أنه لا يوجد في مصر حتى
الأن قانون خاص بالجرائم الالكترونية فيما عدا ما سبق توضيحه.
وبعض النصوص الواردة في قانون العقوبات خاصة
بالجرائم التقليدية يمكن تطويعها بعيدا عن التفسير الضيق لتشمل بعض جرائم الحاسب الآلي،
إلا أن هذه النصوص لا زالت رة عن إيجاد التأمين الكافي للمجتمع ضد الأشكال المختلفة
للجريمة الالكترونية([35])، وأمام هذه المشكلة التى تواجه مصر الآن نجد أن الدول المشابهة
لها في الوضع القانوني سلكت إحدى ثلاث طرق لمواجهة الجريمة الالكترونية الطريق الأول:
وضع نصوص تشريعية لمواجهة.
قلبت الجريمة الإلكترونية العديد من المفاهيم القانونية السائدة سواء ،
مما يتعين القول معه بأن الإجرام المعلوماتي قد أحدث ثورة في فلسفة التجريم و العقاب
و الإجراءات الجنائية
و إذا كان البحث في مسألة قدرة القواعد الإجرائية التقليدية في ضبط الجريمة
الإلكترونية أمرا صعبا فإن الصعوبة تنطلق من إعطاء مفهوم للجريمة الإلكترونية ذاتها
، لذلك يذهب معظم المهتمين إلى القول بأن الجريمة الإلكترونية باعتبارها مظهرا جديدا
من مظاهر السلوك الإجرامي لا يمكن تصورها إلا من خلال ثلاث مظاهر ، إما أن تتجسد في
شكل جريمة تقليدية يتم اقترافها بوسائل إلكترونية أو معلوماتية ، أو في شكل استهداف
للوسائل المعلوماتية ذاتها و على رأسها قاعدة المعطيات و البيانات أو البرامج المعلوماتية
، أو أن يتم اقتراف الجرائم العادية في بيئة إلكترونية كما هو الأمر بالنسبة لجرائم
الصحافة .
فلقد أثارت هذه الجريمة بعض التحديات القانونية و العملية أمام الأجهزة
المعنية بالبحث عن الجرائم و ضبطها و خصوصا فيما يخص مباشرة إجراءات البحث و التحري
التقليدية في بيئة افتراضية لا مكان فيها للأدلة المادية ، مما أظهر مدى الحاجة إلى
تطوير آليات البحث بما يتلاءم و خصوصيات هذه الجرائم ، و جعل مسألة ملاءمة الإجراءات
الجنائية في البحث و التحري مع خصوصية الجريمة الإلكترونية تستأثر بإهتمام المشرعين
في مختلف الدول.
كما أن الجريمة الإلكترونية خلقت عالما جديدا لا يعترف بالحدود الجغرافية
و السياسية للدول و لا بسيادتها ، حيث فقدت الحدود الجغرافية كل آثر لها في بيئة إلكترونية
متشعبة العلاقات ، الأمر الذي خلق صعوبات و إشكالات قانونية لا تقتصر على ضبط هذه الجرائم
و إثباتها فحسب ، و إنما أثارت أيضا تحديات أكثر تعقيدا مرتبطة بتحديد جهة الإختصاص
و بالتبعية القانون الواجب التطبيق على هذا الصنف من الجرائم
على ضوء ما تقدم فإن إشكالية هذا الموضوع تناقش إحدى أهم الإشكالات التي
تثيرها الجريمة الإلكترونية على المستوى الإجرائي و المتمثلة في قدرة القواعد الإجرائية
التقليدية في ضبط الجريمة الإلكترونية ، ولذلك سيتم الإنطلاق من الإشكال المركزي التالي:
إلى إي حد يمكن القول بأن القواعد الإجرائية التقليدية كافية لضبط الجريمة
الإلكترونية و قادرة على استيعاب مختلف إجراءات البحث المنجزة بشأنها ؟
ويتفرع عن هذا الإشكال المركزي ، السؤالين الفرعيين التاليين:
هل يمكن فعلا الإكتفاء بالقواعد الإجرائية العادية من أجل البحث عن الجريمة
الالكترونية أم أن الأمر يتطلب إفراد قواعد إجرائية خاصة ؟
و ما هي أهم الإشكالات
التي يطرحها موضوع الإختصاص في الجريمة الإلكترونية ؟
كما سيتم الإنطلاق من فرضية مفادها أن القواعد الإجرائية العادية لم تعد
كافية و قادرة على ضبط الجريمة الإلكترونية و أن البحث فيها يتطلب وضع قواعد إجرائية
خاصة تتماشى و تنسجم مع خصوصية و طبيعة هذا النوع من الجرائم.
و للوقوف عند مدى صحة هذه الفرضية نرى أن نقارب موضوعنا وفق الخطة التالية
:
**أولا : الجريمة الإلكترونية و إشكالية إجراءات البحث و التحري ..
**ثانيا : الجريمة الإلكترونية و إشكالية الإختصاص .....
أولا : الجريمة الإلكترونية و إشكالية
إجراءات البحث و التحري
لما كانت الجرائم الإلكترونية تتسم بحداثة أساليب ارتكابها و سرعة تنفيذها
و سهولة إخفاء معالمها و دقة و سرعة محو آثارها ، فقد ظهرت نتيجة عنها جملة من الصعوبات
و الإشكالات العملية التي تعرقل و تقف كحجر عائق أمام أجهزة العدالة في مواجهتهم لهذه
الطائفة من الجرائم و لاسيما أجهزة البحث و التحري و التي تعمل من أجل استيفاء الدليل
الإلكتروني ، إذ أصبحت هذه الأخيرة تواجه مشاكل و صعوبات إجرائية أثناء مباشرة مهامها
للكشف عن هذا النوع من الجرائم و ملاحقة مرتكبيها و تقديمهم للعدالة.
أمام هذا الوضع ثار النقاش حول ما إذا كان بالإمكان الإكتفاء بالقواعد
الإجرائية العادية للبحث عن الجريمة الإلكترونية ، أم أن الأمر يتطلب وضع قواعد إجرائية
خاصة بها تنسجم مع خصوصيتها و طبيعتها، حيث أشار بعض المهتمين إلى إن القواعد الإجرائية
المتعلقة بالبحث و التحري عن الجرائم في شكلها التقليدي هي قواعد لا تخص جريمة معينة
دون أخرى .
بل هي قواعد عامة يمكنها أن تنطبق على كافة الأفعال المخالفة للقانون الجنائي
بما فيها الجريمة الإلكترونية و التي تبقى و تظل و إن اختلفت عن غيرها من الجرائم سواء
من حيث طبيعتها أو خصائصها ، خاضعة من حيث المبدأ للقواعد العامة التي تسري على جميع
الجرائم ، كما أن البحث في الجرائم الإلكترونية يأخذ بجميع عناصر البحث و يمر بذات
المراحل الفنية و الشكلية المتبعة في الجرائم التقليدية لإحتمال ارتباطها بمختلف أنواع
الجرائم الأخرى.
و بالتالي فبوسع أجهزة العدالة أن تستعمل القواعد الإجرائية القائمة في
تعاملها مع الجرائم الإلكترونية، فهذه القواعد القائمة لم تغيرها أو لم تؤثر فيها الجرائم
الإلكترونية، فقط ينبغي تطوير بعض المفاهيم و تناولها بطريقة قانونية
كما سار البعض الأخر في نفس السياق و اعتبر بأن القوانين الإجرائية الحالية
تتضمن مجموعة من المقتضيات العامة التي يمكن أن تسري أو تنسحب على الجريمة الإلكترونية
فقط تحتاج إلى بعض التعديلات لتضفي على إجراءات البحث و التحري في هذا النوع من الجرائم
نوعا من الخصوصية تلاءم طبيعة هذه الجريمة التي تتميز بخصوصية و ذاتية متميزة عن باقي
الجرائم
إلا أن هذا الطرح او الفرض– القواعد الإجرائية العادية قواعد عامة يمكنها
أن تنطبق على الجريمة الإلكترونية - لا يمكن الأخذ به على إطلاقه و ذلك راجع بالتأكيد
لطبيعة و لخصوصية الجريمة الإلكترونية و صعوبة ضبطها و التي لا تنسجم مع البيئة التقليدية
التي ترتكب فيها مختلف الجرائم الأخرى كما سنتولى تبيان ذلك.
فالقوانين الإجرائية بما تتضمنه من قواعد إجرائية تعتبر بمثابة الوثيقة
الأساسية لحماية حقوق الأفراد و التي تؤكد على احترام المبادئ الأساسية المعترف بها
دوليا و كذا تحقيق التوازن بين مصلحة الدولة في الوصول إلى الحقيقة و الحريات الفردية
للمواطنين ، فالقواعد الإجرائية تحتك باستمرار مع حقوق الفرد و حريته
و عليه فإن شرعية الإجراءات تقتضي أن تكون إجراءات البحث عن الأدلة و جمعها
موافقة و محددة وفق القانون و لا تخرج عن روح نصوصه ، و بالتالي فإن التوسع في مباشرة
إجراءات أو في تفسير هذه الإجراءات المقررة فإنه يهدد حقوق وحريات الأفراد ، لذلك فإن
النصوص الخاصة ببعض الإجراءات بمفهومها التقليدي لا ينبغي إعمالها بشأن الجريمة الإلكترونية
مباشرة ، باعتبار أن هذه النصوص تمثل قيدا على الحرية الفردية ، ومن ثم يصبح القياس
على الأشياء المادية محظورا لمنافاته الشرعية الإجرائية.
لذلك فإنه ينبغي الموازنة بين حقوق الفرد المتهم من جهة و حقوق المجتمع
من جهة أخرى ، و بين هذه الحقوق و ضرورة احترام القواعد الشرعية و القانونية أثناء
البحث عن الدليل في البحث الجنائي عموما و في مجال الجريمة الإلكترونية على وجه الخصوص.
لذلك يمكن القول بأن القواعد الإجرائية العادية أبانت عن محدوديتها و قصورها
لأن مباشرتها في بيئة لا تنسجم معها قد يشكل مساسا بالشرعية الإجرائية بصفة عامة و
بحقوق الأفراد بصفة خاصة ، لذلك بات من الضروري إفراد قواعد خاصة بالبحث عن هذا النوع
من الجرائم تكفل في الوقت ذاته توازنا بين متطلبات الفعالية لأنشطة الأجهزة الجنائية
الإجرائية في المجال المعلوماتي و مقتضيات حماية حريات الأفراد و حقهم في الخصوصية.
فمختلف المهتمين بهذا الموضوع لما أكدوا على محدودية و قصور القواعد الإجرائية
التقليدية في ضبط الجريمة الإلكترونية كان سندهم في ذلك يقوم على أن البيئة الرقمية
لا تستطيع أن تطبق فيها الأجهزة المكلفة بالبحث و التحري الإجراءات التقليدية .
و خاصة في حالة تفتيش الشبكات أو عمليات اعتراض الاتصالات حيث أن مختلف
المعلومات تكون في شكل نبضات الكترونية و التي تعتبر من طبيعة معنوية
هذا من جهة ، و من جهة أخرى فقد اعاعتبروا أن القواعد الإجرائية التقليدية
وضعت في الأصل من أجل مكافحة الاعتداءات المادية والجريمة الالكترونية تخرج من هذا
الإطار لأنها تتم خارج واقع الإطار المادي الملموس
، بالإضافة إلى هذا فإن هذه القواعد التقليدية تتميز بانعدام أو ضعف الإستجابة
لمتطلبات ضبط الجريمة الإلكترونية وجمع الأدلة عنها و البحث عن مرتكبيها و إيقافهم
و تقديمهم للعدالة.
و عليه فإن مسألة إفراد الجريمة الإلكترونية بقواعد خاصة تنسجم مع طبيعتها
و خصوصيتها أملتها مجموعة من الإعتبارات ، كان من بينها الإختلاف الذي يطبع القواعد
الإجرائية العادية عن نظيرتها في مجال البحث عن الجريمة الإلكترونية من جهة ، والصعوبات
التي تعترض أجهزة إنفاذ القانون لضبط هذه الجريمة من جهة أخرى.
ثانيا : الجريمة الإلكترونية و إشكالية
الإختصاص:
لما كانت الجريمة الإلكترونية ذات طبيعة خاصة و تتميز بخصوصيات متعددة
منها أنها جريمة عابرة للحدود، فهي لا تحدها حدود خلافا للجرائم التقليدية الأمر الذي
يجعلها في كثير من الأحيان تستعصي على الخضوع للقوالب التي تحكم مسألة الإختصاص المكاني
، و من تم فإن الطبيعة الخاصة لهذا الصنف من الجرائم المستحدثة يتطلب تجاوز المعايير
التقليدية ، الشيء الذي جعل البعض يرى بأن تطبيق القواعد التقليدية على الجرائم الإلكترونية
لا تتلاءم مع تحديد محل وقوع الجرم في العالم الإفتراضي، ذلك أن هذه الجرائم لا تعترف
بالحدود الجغرافية و السياسية للدول و لا بسيادتها، بحيث فقدت الحدود الجغرافية كل
اثر لها في الفضاء الشبكي المتشعب العلاقات، و أصبحنا بالتالي أمام جرائم عابرة للحدود
تتم في فضاء إلكتروني معقد عبارة عن شبكة اتصال لا متناهية غير مجسدة و غير مرئية متاحة
لأي شخص حول العالم وغير تابعة لأي سلطة حكومية يتجاوز فيها السلوك المرتكب المكان
بمعناه التقليدي، له وجود حقيقي وواقعي لكنه غير محدد المكان
فنظرا لما تتميز به الجريمة الإلكترونية من كونها جريمة عابرة للحدود فإنها
من هذا المنظور تثير بعض الإشكالات القانونية من أهمها مسألة تحديد الإختصاص و القانون
الواجب التطبيق من بين مجموعة قوانين الدول التي ارتكبت الجريمة الإلكترونية على أراضيها.
فمما لا شك فيه أن هذه الطبيعة المتعدية للحدود التي يتسم بها هذا النوع
من الجرائم ستنعكس على إمكانية ضبطها و التصدي لها مما يصعب تحديد الدولة صاحبة الإختصاص
بالنظر في هذه الجرائم على اعتبار أن هذه الجرائم لم تعد تعترف بمعايير الإختصاص التقليدية
التي أقرتها القوانين في الدول.
فالثابت أن موضوع الإختصاص في الجريمة الإلكترونية و في غياب إطار تشريعي
يحكمه و ينظمه يتم التعامل معه وفق قواعد الإختصاص المكاني و هذا ما يطرح جملة من الصعوبات
، خصوصا أن مكان ارتكاب الجريمة الإلكترونية و الذي يكون دائما في البيئة الإفتراضية
غير الملموسة يختلف عن مكان ارتكاب باقي الجرائم التقليدية الأخرى في العالم المادي
الملموس ، لذلك فإن تطبيق القواعد التقليدية التي تحدد معايير الإختصاص لا تتلاءم مع
طبيعة الجريمة الإلكترونية حيث يصعب تحديد مكان وقوع الفعل الجرمي في هذه الجرائم ،
فمن الصعوبات التي تطرحها الجريمة الإلكترونية هي الحالات التي يتوزع فيها السلوك المادي
للجريمة في أكثر من دولة كأن يقع السلوك الإجرامي في دولة في حين تتحقق نتيجته الإجرامية
في دولة أخرى ، ويكون بالتالي قانون كل دولة تحقق فيها أحد عناصر الركن المادي للجريمة
قابلا للتطبيق ، مما يؤدي إلى تنازع ايجابي في الإختصاص بين أكثر من تشريع وطني و بين
أكثر من دولة لملاحقة نفس النشاط الإجرامي ، كما في حالة ارتكاب فعل التهديد عبر الرسائل
الالكترونية حيث قد يرتكب الفعل المادي في بلد ويتلقاه الضحية في بلد أخر بعد أن تمر
في كثير من الأحيان بأكثر من دولة قبل وصولها إلى دولة الإستقبال.
و عليه يمكن القول أن قواعد الإختصاص القضائي المنصوص عليها في القوانين
الإجرائية صيغت لكي تحدد الإختصاص المتعلق بجرائم قابلة للتحديد المكاني و بالتالي
لا ينبغي إعمالها بشأن الجريمة الإلكترونية و التي ترتكب في فضاء تنعدم فيه الحدود
الجغرافية يبقى معها أمر تحديد مكان ارتكاب الجريمة في غاية الصعوبة الأمر الذي أصبح
يتطلب إيجاد قواعد إجرائية تحكم مسألة الإختصاص في هذه الفئة من الجرائم بما يتناسب
مع طبيعتها الخاصة.
و أمام هذا الوضع أصبح الإحتكام إلى معايير الإختصاص المكاني التقليدية
متجاوزا أمام الطبيعة العابرة للحدود التي تتميز بها الجرائم الإلكترونية ، في ظل ظهور
معايير أخرى مرتبطة ببعض الفئات المستهدفة من الجريمة الإلكترونية كما هو الحال في
جرائم الصحافة و الجرائم المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية و الجرائم المتعلقة بالأحداث
و المرتكبة عبر الفضاء الإلكتروني.
فلقد أوجدت معايير جديدة لإنعقاد الإختصاص تتجاوز المعايير التقليدية التي
يتم اللجوء إليه من أجل تقرير ضوابط الإختصاص في مختلف الجرائم العادية الأخرى و ذلك
انطلاقا من مجموعة من الإجتهادات القضائية الفرنسية في هذا المجال ، هذه المعايير مرتبطة
بالخصوص ببعض الجرائم كما أشرنا إلى ذلك و كما هو الحال في جرائم الصحافة المرتكبة
في البيئة الرقمية ، حيث أنه من بين المعايير التي ظهرت إلى الوجود و المرتبطة أساسا
بهذا النوع من الجرائم ، المعيار الذي يعطي الإختصاص لمحل تمركز الموقع الذي نشرت الأقوال
أو المعلومات بواسطته ، كما ظهرت معايير جديدة ترتبط بالجرائم الماسة بحقوق الملكية
الفكرية ، كما هو الحال في جرائم التقليد عبر الأنترنيت حيث يرجع الإختصاص إما لمحكمة
المكان الذي ارتكب فيه التقليد و إما مكان نشره ، أو معيار إمكانية الوصول للموقع كأساس
لإختصاص المحكمة في حالة الإعتداء على حق من حقوق المؤلف من خلال الأنترنيت.
بالإضافة إلى هذه المعايير تم إيجاد معايير أخرى مرتبطة أيضا بالجرائم
المرتكبة ضد الأحداث حيث أن الإختصاص في هذا النوع من الجرائم ينعقد لمكان ارتكاب الجريمة
، و مكان ارتكاب الجريمة هذا يأخذ المعايير التالية و التي يتم تقديمها بالأسبقية وهي
:
المكان الذي شوهد فيه وجود الموقع غير المشروع أو الذي تم فيه مشاهدة الصور
و النصوص ذات الطبيعة غير المشروعة.
المكان الذي يوجد فيه خادم الإيواء إذا ظهر بعد المعاينات الأولى أن الموقع
يمكن تحديده من خلال التراب الإقليمي.
فالملاحظ من خلال مختلف هذه المعايير المستحدثة أنها قد تجاوزت المعايير
التقليدية لإنعقاد الإختصاص و جاءت بمفهوم جديد لمكان ارتكاب الجريمة الإلكترونية يتماشى
و ينسجم مع طبيعة هذه الجرائم.
ختاما لا بد من التشديد على صعوبة التحديات الإجرائية التي تعترض البحث
في الجرائم الإلكترونية و كذا التحديات و الإشكاليات الإجرائية التي يطرحها موضوع الإختصاص
في هذا النوع من الجرائم و تقديم المخالفين أمام القضاء لإنفاذ القانون في مواجهتهم
باعتبار الطابع العابر للحدود للجريمة و هو ما بات يستدعي بالإضافة إلى الآليات التشريعية
إيجاد مقاربات وطنية تقوم على مبادئ التعاون الدولي لملاحقة مقترفي هذه الجرائم.
*((عقوبة اختراق مواقع حكومية وبث
معلومات تهدد الدولة او المؤسسات والاشخاص او اى معلومات خاصة))** …
ولما كانت عقوبه اختراق المواقع الالكترونيه والايملات وصفحات التواصل
الاجتماعى غير رادعه . حيث انها نتنهك سريه وخصوصيه المعلومات الخاصه بالمؤسسات اى
ما كان درجه سريتها وايضا الحياه الشخصيه للافراد . وخصوصيتهم كالهواتف والاجهزه .
غير كافية لأنها لا تحقق الردع العام أو الخاص لكل من يرتكب هذه الجريمة،
التي تنتهك حياة الإنسان الشخصية.
وحيث أحدث ظهور وسائل الاتصال التكنولوجية الحديثة طفرة فى المجتمع ونتجت
عنه سلوكيات مختلفة إستغلها البعض في فرض نوع جديد من الحروب أسماه خبراء الأمن والإتصالات
بالجيل الرابع من الحروب التي حولت صفحات التواصل الاجتماعي إلى ساحات حرب يقع الضحية
فيها المواطن المصري الذي وجد مواقع التواصل الاجتماعي متنفسا له وعالما جديدا يخاطب
به كل ما يجيش بخاطره ويدور في حياته دون أن يعلم أنه يتم إختراق حسابه والتصنت على
تليفونه ثم شيئا فشيئا يتم تجنيده ليكون عميلا ضد بلده وأهله.
وحيث أنه كان يتعين على المشرع تغليظ العقوبة، لأن التعديلات أعطت الخيار
للقاضي للاختيار ما بين الحبس مدة شهر أو الغرامة، وبالتالي كان ينبغي أن تصل العقوبة
لجرائم الجنايات على غرار استراق السمع والتسجيلات بدون إذن؛ لأنها تمس الحياة الشخصية
وتنال من سمعة الآخرين.
وبالاشارة إلى أن الهدف من قانون مكافحة جرائم الإنترنت، هو حماية البيانات
والمعلومات الحكومية، والمعلومات الشخصية، ووضع تنظيمًا إجرائيا دقيقًا ينظم إجراءات
الضبط والتحقيق والمحاكمة والمتعلقة بتلك الجرائم.
ونثمن على المشرع المصرى سعيه فى التعديلات الجديدة، ووصفها بالمتأخرة،
مضيفًا أن الفترة الماضية شهدت العديد من الجرائم التي استهدفت الحياة الشخصية للمواطنين،
وكان يجب التصدى لها بكل قوة وحزم، عن طريق تعديلات للقانون.
وبالاضافة الى ان البرلمان يقوم بدور كبير وفعال لعلاج المشكلات الحقيقية
التي تواجه المجتمع المصري، والتي من بينها جرائم الإنترنت مثل البريد الإلكتروني أو
اختراق المواقع الإلكترونيةوالهواتف، لأنها تمثل تهديدًا حقيقيًا على الأمن العام،
لأنه قد يحمل معلومات سرية ودقيقة، لا يجوز الاطلاع عليها على الإطلاق.لخطورتها ولخصوصيه
مابها من معلومات ومحادثات وصور
ووافق مجلس النواب، برئاسة الدكتور على عبدالعال، على المادة 18 بمشروع
قانون مكافحة جرائم المعلومات، بمعاقبة المتعدى على البريد الإلكترونى أو المواقع والحسابات
الشخصية بالحبس مدة لا تقل عن شهر، وغرامة لا تقل عن 50 ألفا ولا تجاوز 100 ألف جنيه،
أو إحدى العقوبتين.
وبحسب نص مشروع القانون، تنص المادة 18 التى أقرها المجلس قبل قليل، بشأن
جريمة الاعتداء على البريد الإلكترونى أو المواقع أو الحسابات الخاصة، على أن “يُعاقب
بالحبس مدة لا تقل عن شهر، وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه
وحيث أصدرالقانون واقر قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات “مكافحة جر
ائم الإنترنت”، لحماية الحسابات الخاصة والإلكترونية من الاختراق والتلاعب، بموجبه
يتم حجب المواقع الإلكترونية المخالفة، ووضع عقوبات صارمة لها..
وفيما يلي نعرض أهم الحالات التي يتم وفقًا حجب المواقع والعقوبات المقررة
على المخالفين او تليخيصها قدر المستطاع و
السطور التالية نستعرض
أبرز 6 مخالفات يشتمل عليها القانون والعقوبات المقررة لها حال تورط أحد مستخدمي مواقع
التواصل الاجتماعي فيها –
كتب: ايمن محمد عبداللطيف :
بث أي مواقع داخلية أو خارجية عبارات أو أرقام أو صور أو أفلام أو أي مواد
دعائية تخالف القانون وتهدد الأمن القومي.
* وضع أي أرقام أو صور أو أفلام تعد خطرًا على الاقتصاد القومي.
* وفقا لما سبق يحق للنائب العام أو من يفوضه من المحامين العامين الأول
لنيابات الاستئناف وجهات التحقيق المختصة منع الشخص صاحب المحتوى المخالف ووضعه على
قوائم الانتظار لمدة محددة.
* يشترط على مقدمي الخدمة سرية المعلومات وعدم الإفصاح عنها قبل إذن من
الجهات القضائية ..
* وفقا لما سبق يحق للنائب العام أو من يفوضه من المحامين العامين الأول
لنيابات الاستئناف وجهات التحقيق المختصة منع الشخص صاحب المحتوى المخالف ووضعه على
قوائم الانتظار لمدة محددة.
* يشترط على مقدمي الخدمة سرية المعلومات وعدم الإفصاح عنها قبل إذن من
الجهات القضائية
1-جريمة اختراق بريد إلكتروني أو موقع شخصي تصل عقوبتها للحبس مدة لا تقل
عن شهر وغرامة بين 50 ألفا و100 ألف جنيه.
2- جريمة الإضرار بالقيم الأسرية للمجتمع تصل عقوبتها للحبس مدة لا تقل
عن 6 شهور وغرامة مالية بين 50 ألفا و100 ألف جنيه.
3- تزوير حسابات مواقع التواصل الاجتماعي أو البريد الإلكتروني تصل عقوبتها
للحبس ما لا يقل عن 3 شهور وغرامة بين 10 آلاف و30 ألف جنيه.
4- سرقة شبكات الواي فاي ووصلات الدش جريمة تصل عقوبتها إلى الحبس مدة
لا تقل عن 3 شهور وغرامة تتراوح بين 10 آلاف و50 ألف جنيه.
5- جريمة تشويه موقع بعد الاختراق تصل عقوبتها للحبس مدة لا تقل عن 3 شهور
وغرامة بين 20 ألفا و100 ألف جنيه.
6- ارتكاب مخالفة اختراق مواقع إلكترونية خاصة بأجهزة الدولة تصل عقوبتها
للحبس مدة لا تقل عن سنتين وغرامة بين 50 ألفا و200 ألف جنيه….
وكتب: ايمن عبداللطيف ...... هذا النوع من الجرائم وخطورته وكيفيه اثباته..*
ومدى خطوره هذه الاختراقات على الامن القومى وهو *
الواضح أن القانون هدفه حماية البيانات الشخصية وحماية كل بيانات المواطنين
الذين يقومون بإستخدام مواقع التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا وغيرها، سيكون جاهز
للعمل به قريبا بعد الموافقة عليه من المجلس. حيث ان الغرض منه هو
أن يكون القانون حاميا البيانات الشخصية مع وجود عقوبات تصل إلى الحبس
بالإضافة للغرامة المالية التي تفرض على كل من انتهك حرمات خاصة للمواطنين او المؤسسات
العامه ومرافقها ..
والواضح أن هناك صراعا بين الخير والشرعلى الشبكة الإلكترونية وهو ما يسمى
بالإرهاب الناعم يتم من خلاله تعطيل مؤسسات كشبكة الكهرباء التي حدثت بالفعل في أمريكا
أو أجهزة كالكمبيوتر وسرقة البنوك وتعطيل الطائرات وسرقة البنوك، لافتا إلى أن الإرهاب
الناعم هو صراع بين الضعيف الذي كان يهدده القوي وأبلغ دليل على ذلك ما يقوم به الشباب
في منطقة الشرق الأوسط باستخدامهم التكنولوجيا لتكون أقوى سلاح لهم.
وننوه إلى أن هذه الحروب مستمرة إلى نهاية العالم مع استبدال الحروب المباشرة
بهذه الحروب التي يتم فيها إستغلال الأسرار الشخصية و المعلومات التي تم اختراقها وهي
تسمى أيضا جرائم ذوي الباقات البيضاء وهم من ذوي أصحاب التقنيات المتقدمة وهي إحدى
جرائم الإنترنت.
ووجهه نظرنا ، على أن الحل في هذه الاختراقات لن تتم عبر إستبدال وسائل
التواصل الاجتماعي العالمية بنسخة محلية كاستبدال «الفيس بوك» في مصر يتم التسجيل فيه
من خلال الرقم القومي وذلك لأن وسائل التحايل كثيرة ويتم إبتكاره دائما ولذا فإن الطريقة
المثلى لذلك هي التأمين الداخلي في مصر مع التركيز على تأسيس الشباب نفسيا حتى لا يكون
حانقا أو ساخطا على حياته وهو ما يجعله ناقما على بلده مما يجعله صيدا سهلا لتلك الجهات
لأجنبية.
وأضاف أن هناك برامج حماية كتلك التي تسمى بالجدار الناري ولكنها غير فعاله
الا لفتره زمنيه محدوده والذي يقوم بإعداده من قام أيضا بإعداد برامج الاختراق فهو
يعد برامج الاختراق وفي الوقت نفسه يعد المضاد له وأكبر مثال ما تقوم به المخابرات
الأمريكية «cia» وجميع مراكز القوى العالمية التي لديها برامج الاختراق وبرامج الحماية.
وأوضح أنه على وسائل الإعلام الوطنية أن تقوم بدورها في رفع الوعي لدى
هؤلاء الشباب وقيام المسؤولين في هذا الشأن بدورهم في تحقيق العدالة الاجتماعية لدى
هؤلاء الشباب وهوما يزيد من إنتمائهم لوطنهم وتفويت الفرصة على الجهات الأجنبية التي
نجحت في إختراق حساباتهم وتليفوناتهم من النيل من مقدرات الوطن.
المراجع فى هذا المقال
:
1. هشام ملاطي
، خصوصية القواعد الإجرائية للجرائم المعلوماتية-محاولة لمقاربة مدى ملائمة القانون
الوطني مع المعايير الدولية- ، سلسلة ندوات محكمة الاستئناف بالرباط ، العدد السابع
،2014، ص.101
2. عبد الرحمان
اللمتوني ،الإجرام المعلوماتي بين ثبات النص و تطور الجريمة، سلسلة ندوات محكمة الاستئناف
بالرباط ، العدد السابع ،2014، ص.48
3. عبد الحكيم
الحكماوي ، الإثبات في الجريمة الالكترونية ، سلسلة ندوات محكمة الاستئناف بالرباط
، العدد السابع ،2014 ، ص.145
4. نور الدين
الواهلي ، الإختصاص في الجريمة الإلكترونية، سلسلة ندوات محكمة الاستئناف بالرباط ،
العدد السابع ،2014، ص .115
5. مصطفى محمد
مرسي ، التحقيق الجنائي في الجرائم الالكترونية، مطابع الشرطة-القاهرة، الطبعة الأولى2008
، ص.17
6. إيهاب ماهر
السنباطي، الجرائم الإلكترونية : قضية جديدة أم فئة مختلفة؟ التناغم القانوني هو السبيل
الوحيد ! ، أعمال الندوة الإقليمية حول الجرائم المتصلة بالكمبيوتر، 20-19 يونيو2007
، المملكة المغربية، ص.16 و17
7. هشام ملاطي
، المرجع السابق ، ص.96
8. أحمد الخمليشي
، شرح قانون المسطرة الجنائية ، الجزء الأول ، مطبعة المعارف الجديدة-الرباط ، الطبعة
الخامسة ، 1999 ، ص.22
9. عبد الحكيم
الحكماوي ، المرجع السابق، ص.154
10.
Yann padova, Un aperçu de la lutte contre
la cybercriminalité en France , revue de science criminelle et de droit pénal
comparé , N°4 octobre-décembre 2002, p .767
11.
محمد جوهر، خصوصية زجر الإجرام المعلوماتي ،مجلة
الملف ، العدد 9 نونبر 2006 ، ص.15
12.
عبد الفتاح بيومي حجازي ، الإثبات في جرائم
الكمبيوتر و الانترنيت، دار الكتب القانونية-القاهرة، طبعة 2007 ، ص.137
13.
أحمد ايت الطالب ، تقنيات البحث وإجراءات المسطرة
المتبعة في جرائم الانترنيت و المعلوميات، مجلة الملف ، العدد 9 نونبر 2006 ، ص.26
14.
نور الدين الواهلي ، المرجع السابق ، ص.133
15.
نور الدين الواهلي ، المرجع السابق ، ص.136
و137
16.
Myriam Quéméner & Yves charpenel ,
cybercriminalité – droit pénal appliqué- Economica paris France,2010, p .161 et
s
17.
هذا المعيار تبناه رجال القانون في فرنسا انطلاقا
من مجموعة من الإجتهادات الخاصه بالقانون الفرنسى.
مثل هذه الجرائم الحديثة، أما الطريق الثالث:
تطبيق النصوص القائمة على هذه الجرائم الحديثة، والطريقان الثاني والثالث تعامل معهما
فقهاء القانون بشيء من الحذر لأنهما يمسان مبدأ الشرعية الجنائية؛ فما الحل إذاً في
الدول التى لا تمتلك تشريعا عقابيا يعاقب على الجرائم الالكترونية فهل تترك الجاني
بلا عقاب؟ أم تفتح الباب أمام القضاة للعمل بالقياس أو التفسير الواسع للنصوص العقابية
التقليدية مما يهدر مبدأ الشرعية الجنائية؟
ثالثا
دور القاضي الجنائي في ظل غياب النص العقابي
للجريمة الالكترونية
نظرا لعدم وجود نظام قانوني متكامل خاص بالجريمة
الالكترونية في مصر يوضح ويصف بدقة الجرائم الالكترونية محددا أنواع هذه الجرائم والأشكال
التى تتخذها، والركن المادي والمعنوي للجريمة بنصوص تتسم بالتحديد مع السماح بأن يدرج
تحتها كل ما هو جديد في عالم الجريمة الالكترونية،مع تحديد دقيق للعقوبة بحديها الأعلى
والأدنى كعقوبة أصلية وغيرها من العقوبات التكميلية والتبعية، وبما لا يخل بمبدأ الشرعية
الجنائية كمبدأ دستوري حاكم، حيث أن الجريمة الالكترونية تتطور بشكل مذهل نظرا لتطور
الأجهزة الالكترونية مما يوجد شبه استحالة في مواكبة ذلك التطور بتشريعات تجرمها، وهنا
تكمن صعوبة وضع تشريع جامع لكل صور الجريمة الالكترونية، مانعا المشرع مرة أخرى من
التدخل لتعديل التشريع بإضافة أشكال جديدة للتجريم.
وفي ظل غياب التشريع سيجد القاضي نفسه مضطرا
للحكم بالبراءة على مرتكبي وقائع الكترونية عبر الوسائل الالكترونية في شكل جرائم سواء
ضد الدولة أوضد مواطنيها، وذلك تطبيقا لمبدأ المشروعية، وعندئذ ستتفشي الجريمة الالكترونية
وتدمر مصالح كثيرة سواء للدولة أو لمواطنيها،والسؤال المطروح هنا هل يسكت القاضي عن
ذلك وينتظر السلطة التشريعية، أم يجتهد حماية للمصلحة العليا للبلاد؟
تقدير دور
القاضي في مواجهة النقص التشريعي لمواجهة الجريمة الالكترونية:
ليس أمام القاضي في مصر الآن إلا أن يطبق النصوص
القانونية التقليدية الواردة في قانون العقوبات أو أية قوانين خاصة أخرى معمولا بها
على بعض الجرائم الالكترونية في حالة عدم تعارضها مع هذه النصوص وإمكانية تطبيقها عليها
، وذلك حتى لا يفلت الجناة من العدالة، وهو ما قد يمس مبدأ شرعية الجرائم خصوصا في
الجرائم الالكترونية التى تأبى طبيعتها الخضوع للنصوص التقليديه
وقد انقسم الفقه بين مؤيد لفكرة تطبيق النص
التقليدي على الجريمة الالكترونية وبين معارض لذلك.فالرأي المؤيد: أخذ يستند إلي ما
انتهت إليه محكمتي النقض المصرية والفرنسية في أحكامها عندما ظهرت جريمة سرقة التيار
الكهربائي باعتباره تقع على مال غير ملموس مع عدم وجود نصوص قانونية تجرمها فقام القضاء
بتطبيق نصوص السرقة التقليدية، واعتبرت محكمتا النقض أن التيار يمر في أسلاك وتوصيلات
ذات كيان مادي وبالتالي يمكن اختلاسه وانطباق نص السرقة عليه، وكذلك سرقة المكالمات
التليفونية وإن لم يكن ماديا وملموسا ولكنه رغم ذلك قابل للحيازة والانتقال
أما الرأي المعارض: فيرى أن القضاء في الحالتين
السابقتين توسعوا في تطبيق النصوص القانونية وفي تفسيرهم لمعنى الاختلاس المكون لجريمة
السرقة، وهو وما لا يمكن تصوره بالنسبة للجرائم المستحدثة ومنها جرائم الإنترنت لأن
السرقة تفترض انتقال الحيازة من مالكها إلي السارق وهو ما لم يحدث، بل ينحصر في أغلب
الأحوال في الحصول على منفعة الشيء فقط دون أصله الذي يبقي في حيازة صاحبه، ولا صعوبة
في القول بأننا هنا بصدد سرقة منفعة، والتي تحتاج إلى نص خاص صريح،وهو ما يتضح من رفض
القضاء تطبيق نصوص السرقة على من يتناول طعاما أو شرابا في محل معد لذلك ثم يمتنع دون
مبرر عن دفع الثمن أو يفر دون الوفاء به، وذلك لتحقيق التسليم النافي للاختلاس من جانب
صاحب العمل، الأمر الذي اقتضي من المشرع بأن
يتدخل للنص على تجريم الفعل في المادة(
324) من قانون العقوبات المصري، وكذلك بالنسبة لمن يستولي على سيارة مملوكة للغير دون
نية تملكها ،فلم يستطع القضاء تطبيق نص السرقة على الفعل نظرا لأن الفاعل وإن كان قد
استولى على حيازة المال بغير رضا صاحبه إلا أن نية التملك لم تكن متوافرة لديه، وقد
تدخل المشرع مؤخرا لتجريم ذلك الفعل بالمادة ( 323) مكرر من قانون العقوبات المصري،
وغير ذلك الكثير
، وهو ما دعا المشرعين في عدد من الدول بالتدخل
و إصدار قانون يتعلق بجرائم الكمبيوتر منهم المشرع الأمريكي الذي أصدر قانونه عام
1986، أما المشرع الفرنسي فقد أدمج بابا في قانون العقوبات الفرنسي يتحدث عن بعض الجرائم
المعلوماتية وذلك في 1/3/1994، وفي بلجيكا صدر قانون مكافحة الإجرام المعلوماتى في
3/2/2001، أما الاتحاد الأوربي فقد حرص على التصدي للاستخدام غير المشروع للحاسبات
وشبكات المعلومات وذلك في اتفاقية
بودابست الموقعة في 23/11/2001 المتعلقة بالإجرام
الكوني” الجرائم المعلوماتية”
التفسير القضائي للنص الجنائي التقليدي لتطبيقه
علي الجريمة الالكترونية:
ونظرا لأنه لا يوجد قانون موضوعي ينظم الإجرام
الالكتروني في كلا البلدين فليس أمام القاضي في البلدين إلا تفسير النص الجنائي ” التفسير
القضائي للنص الجنائي” في معرض الفصل في دعوى معينة للتعرف على قصد المشرع بغية التوصل
إلى تطبيق النص على الواقعة المطروحة أمامه أو عدم تطبيقه
مفهوم التفسير القضائي للنصوص الجنائية، وطبيعته
القانونية، ووسائله:
مفهوم التفسير القضائي للنصوص الجنائية: اختلف
الفقهاء في إعطاء تعريف موحد للتفسير بحسب اختلاف نظرة كل واحد منهم له، فهناك من نظر
إليه نظرة موضوعية وبالتالي غلب على تعريفه الطابع الموضوعي، ومنهم من عرفه على أساس
الهدف منه أو الغاية، وهناك من عرفه من منطلق لغوي بحت، ومنهم من ركز على الوظائف التي
يؤديها التفسير، ومنهم من ربط بين أكثر من عامل من هذه العوامل لإعطاء تعريف للتفسير،وعلى
العموم يقصد بالتفسير القضائي ” عملية ذهنية تهدف إلى تحديد المعنى الذي يقصده واضع
القانون من ألفاظ القاعدة القانونية لجعلها صالحة التطبيق على وقائع الحياة”
،كماعرّف أيضاً بأنه” إعطاء المعنى الحقيقي
للنصوص الغامضة سواء أكان هذا الغموض ناتجاً عن نقص موجود في النصوص إما بسبب عدم التناسب
والتناسق بين الألفاظ أو لكونها ألفاظاً غريبة، أم ناتجاً عن خلل في البناء المنطقي
أو في العبارات المستعملة، نتيجة لطابع أو أسلوب اللغة المستخدم، أو نتيجة للأخطاء
المطبعية”، هذا وقد عرّف أيضاً بأنه ” البحث والتحري بهدف إيجاد المعنى الصحيح للقاعدة
القانونية لتطبيقها بعد ذلك على الحالة الواقعية، أو الاستدلال على الحكم القانوني
وعلى الحالة النموذجية التي وضع لها هذا الحكم من واقع الألفاظ التي عبر بها المشرع
عن ذلك”([43])، وكذلك عرّف بأنه” بيان المعنى المقصود للمشرع من المادة القانونية الواردة
في هذا القانون فكل مادة قانونية أوردها المشرع قصد بها معنى، والتفسير هو بيان لذلك
المعنى المقصود للمشرع، وتفسير النص لا يكون إلا بعد فهمه فالفهم عملية عقلية يتوصل
من خلالها إلي التفسير”([44]).
الطبيعة القانونية للتفسير القضائي للنصوص الجنائية:
تنازع الكشف عن طبيعة التفسير مذهبان: 1-المذهب التقليدى: والذي يذهب إلى أن التفسير
يقف عند معرفة القاضي لإرادة المشرع التى يعبر عنها في القاعدة القانونية دون أن يخرج
عن هذه الإرادة لتكملة أى نقص قد يبدو فيها.
2- المذهب الواقعى: الذي يذهب إلى أن المشرع
عندما يضع القواعد القانونية إنما يضعها بصورة عامة مجردة ، ويترك للقاضي سلطة تحديد
هذه العمومية لكي يتمكن من تطبيق هذه القواعد على الواقعة المجردة والمحددة التي يفصل
فيها، لذلك يذهب هذا المذهب إلى أن التفسير لا يعنى مجرد الوصول إلى إرادة المشرع،
وإنما هو عملية قد تكمل النقص الذي يعتري بعض القواعد الجنائية، فالقاضي يجب أن يتمتع
بدور إيجابي في فهم النص أثناء تطبيقه بحيث يستطيع أن يكمل أوجه النقص في النص الذي
يطبقه دون أن يرقي ذلك إلى تكملته بإنشاء قاعدة عقابية جديدة ؛ لأنه لو فعل يكون بفعله
هذا هادما لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات
وسائل القاضي الجنائي في تفسير النص العقابي:
تتعدد وسائل التفسير التى يمكن للقاضي استخدامها في فهم مدلول النص الجنائي المطلوب
تطبيقه على الوقائع المعروضة عليه ليطبقه تطبيقا سليما، وهذه الوسائل تتمثل في الآتي:
التفسير واللغوي للنص الجنائي: وذلك من خلال
فهم القاضي لمدلول المصطلح أو التعبير المستخدم من المشرع في نص التجريم والعقاب وفقا
لمعناه اللغوي، ولعل هذا التفسير هو ما ينبغي على المفسر أن يلجأ إليه كأول خطوة من
خطوات التفسير، والعملية الفنية لهذا التفسير اللغوي تعتمد علي الوصول إلى معاني ألفاظ
النص القانوني وتحديد مدلولاته اللغوية، وفي الحالات التي يعطي فيها المشرع بعض ألفاظ
النص مدلولا اصطلاحيا خاصا، فيجب على المفسر هنا أن يبحث في اللغة القانونية عن هذا
المدلول.
""التفسير المنطقي"" للنص
الجنائي: ويسمي البعض هذه الطريقة بطريقة
""التفسير الغائي ""باعتبارها
تهدف الى البحث عـن الغاية من وضع النص، وهي تستعمل للوصول إلى تلك الغاية.
ويعتمد هذا النوع من التفسير على البحث عن مقصود
الشارع من
الألفاظ والعبارات التى يستخدمها في نصوص التجريم
والعقاب، ولذلك فإنه لا يقف عند عبارات ومعاني النص القانوني محل التفسير، وإنما يمكن
للمفسر أن يستعين في عمله هذا بالمصادر التاريخية للنص، وإجراء مقارنة بين النص الذي
يفسره بغيره من النصوص، كما يمكنه كذلك الرجوع إلى الأعمال التحضيرية التي ولد من خلالها
هذا النص، سواء أكانت مذكرات إيضاحية أم مناقشات برلمانية، أو محاضر لجان تشريعية اسهمت
في وضعه، والمصالح والاعتبـارات الاجتماعية
والسياسية والاقتصادية والأخلاقية التي دعت
إليه وهو ما يطلق عليه “بروح التشريع”. وروح التشريع تعني تحديد معنى النص إذ يفسر
التشريع على ضوء الغاية منه أو حكمته، ومـن هنـا يعتبر من الضروري إدراك الحكمة التشريعية
من النص، فتعرف المصالح التي يراد من خلاله حمايتها، والمساوىء التي يهدف إلى قطـع
السـبيل عليها، والغايـة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية التي يرمي إلى
تحقيقها، ولعل أهم طريقة يمكن أن يتم بها هذا النوع من التفسير تلك التى تتعلق بالوصول
إلى علة النص، فالمشرع يضع النص ليحقق من ورائه علة معينة، كحماية الحقوق والمصالح
التى تقدر جدارتها بالحماية الجنائية، ولذلك فإنه إذا تمكن القاضي من تحديد الحق الذي
يريد المشرع حمايته من وراء نص التجريم والعقاب، استطاع تحديد أركان الجريمة التي يريد
بالعقاب على ارتكابها حماية هذا الحق...
أهمية التفسير القضائي للنص الجنائي: ترجع أهمية
التفسير القضائي للنصوص الجنائية إلى سببين جوهريين: السبب الأول: أن وضوح القاعدة
أو النص من عدمه هو أمر نسبي يختلف من شخص لآخر فما يكون واضحا بالنسبة لشخص قد لا
يكون كذلك بالنسبة لآخر.
السبب الثانى: أن المعنى الظاهر من القاعدة
ليس بالضرورة هو المعنى الذي يرمى إليه النص. وإن الاكتفاء أحيانا بالمعنى الظاهر يؤدي
إلى الفهم الخاطئ له
والقاضي في هذه الحالة عندما يفسر القانون لا
يعطى رأيه الشخصي ولكنه يبحث عن المعنى الحقيقي للقانون، وعن قيمته الموضوعية كما أرادها
المشرع التي ضمنها النص والتي ليست مبدأ جامداً محكوم بالوقائع الاجتماعية المتوافرة
وقت وضع النص، بل هي إرادة متغيرة تتطور بتطور هذه الوقائع الاجتماعية طالما أنها تراعى
المصلحة الاجتماعية المحمية بالنص؛ ذلك أن هذه المصلحة تبلور إرادة المشرع ،وتحدد تبعا
لها نطاق تطبيق نصوصه، فلم يصنع القانون من أجل اليوم فقط بل إنه صنع من أجل المستقبل
، وإرادة القانون بهذا المعنى تترك للتفسير مهمة تحديد معنى النصوص القانونية المجردة
في ضوء التحولات والتغيرات الاجتماعية، وبتطبيق ذلك المنهج نجد أنه يقدم الحلول الصحيحة
خاصة عندما يعبر القانون عن فكرة متحركة متطورة بحسب طبيعتها مثل النظام العام أو الأداب
العامة. وكذلك الشأن لمواجهة الاختراعات العلمية التى تصلح محلا أو أداة للجريمة مثل
الطاقة الكهربائية كمحل للسرقة والراديو والتليفزيون كوسيلة للعلانية في جرائم النشر
أنواع التفسير
القضائي للنص الجنائي: هناك ثلاثة أنواع من التفسير القضائي للنص الجنائي:
النوع الأول:
تفسير مقرر: يقصد به أن يصل القاضي إلى فهم
النص القانوني من مدلوله الظاهر.
والنوع الثانى:
تفسير ضيق: ويقصد به أن النص العقابي يفيد في
ظاهره أكثر مما أراده منه المشرع فيقيد القاضي الظاهر.
والنوع الثالث:
تفسير موسع: وهو الذي يهمنا في الحالة محل الدراسة،
وذلك عندما تكون عبارات النص تفيد في ظاهرها أقل مما أراده الشارع فيلزم للمفسر أن
يوسع هذا الظاهر ويمد تطبيقه إلى ما أريد به في حقيقة الأمر وبغير ذلك التفسير يصبح
القانون عاجزا عن مواجهة الظروف الجديدة بل أنه يصبح عاجزا عن حماية المجتمع في الظروف
التي وضع فيها، نظرا لأنه يصعب إن لم يتعذر بالفعل أن يجري
حماية المجتمع في الظروف التي وضع فيها، نظرا
لأنه يصعب إن لم يتعذر بالفعل أن يجري المشرع حصرا أو إشارة إلى كل الحالات الضارة
بالمجتمع.
الضوابط القانونية المفروضة علي القاضي الجنائي
عند تصديه لتفسير النص العقابي:
هناك عدد من الضوابط تحكم عمل القاضي الجنائي
عند تفسيره للنصوص العقابية والتى تتمثل في:
يجب علي القاضي الجنائي عند تفسيره للنص العقابي
التزام جانب الدقة وعدم تحميل عبارات النص فوق ما تحتمل، فيما يسمى ” التفسير المنضبط
للنصوص العقابية” فلا يجوز له في حالة إذا كانت عبارات النص واضحة أن يبحث عن علة التجريم
ليوسع من نطاق التطبيق، والتفسير المنضبط لقانون العقوبات لا يحول بالطبع دون محاولة
تطويع النصوص لتحيط بالمعطيات التكنولوجيا الحديثة وخاصة في مجال ثورة المعلومات، ولكن
على القاضي إذا اتضح أن الأمر قد تجاوز حدود التفسير المنضبط إلى حد خلق جرائم جديدة،
وجب عليه الحكم بالبراءة تاركا الأمر لتدخل تشريعي.
يلتزم القاضي بإسخدام قاعدة” الاستغراق” وهى
تعني أن هناك نصين في التشريع العقابي كل منهما يعاقب على جريمة مستقلة عن الأخرى،
ثم يصدر نص عقابي ثالث تالٍ لهما يجعل إحدى الجريمتين المجرمتين بالنصين العقابين السابقين
له ظرفا مشددا للأخرى.
ففي هذه الحالة يتعين على القاضي استبعاد نصي
الجريمتين ويطبق النص الثالث المستغرق لهما والذي يضم الجريمتين في جريمة واحدة مشدده
لا يجوز له أن يستخدم القياس لتفسير النص العقابي
والقياس في مجال التجريم يعني” إلحاق فعل مباح بفعل مجرم لاشتراكهما في علة التجريم،
أي استكمال ما يشوب القانون من نقص عن طريق إيجاد الحل لمسألة لم ينظمها القانون وذلك
عن طريق استعارة الحل الذي قرره القانون لمسألة مماثلة، فالقياس بالتالي ليس وسيلة
لاستخلاص إرادة القانون في إطار الصيغة التى استعملها، بل إنه يفترض أن القانون لم
ينظم المسألة محل البحث ولم يقدم لها مباشرة الحل الواجب التطبيق...
والسماح للقاضي بذلك يحوّل القاضي إلى مشرّع
يقوم بخلق قاعدة عقابية جديدة لم ينص عليها المشرع الفعلي ولم يفرد لها نصا مكتوبا
مما يؤدي إلى هدم مبدأ شرعية الجرائم والعقاب .وعليه فالقياس محظور في المجال الجنائي
سواء كان كليا أو جزئيا ،
علما بأن صورة القياس الكلي هي انعدام النص،
أما القياس الجزئي فصورته أن يكون النص الجنائي ناقصا في تحديد أركان الجريمة أو تعيين
العقوبة، فلا يملك القاضي الجنائي أن يكمل هذا النقص عن طريق القياس علي نص آخر
التفسير الذي يقوم به قضاة المحاكم غير ملزم
لهم إذا ما عرضت عليهم واقعة جديدة تستلزم تطبيق النص، وبالتالي غير ملزم لغيره من
القضاة لأنه اجتهاد في فهم معنى نصوص التجريم والعقاب، وقد يختلف هذا الاجتهاد من قاض
إلى آخر وفقا لاختلاف ملكات هذا الاجتهاد ؛ أي ما يفيء به الله على البعض من حسن الفهم
ونفاذ البصيرة، بل أن هذا التفسير لا يلزم غيره من القضاء، إلا أن الواقع العملي في
مصر يظهر فيه تأثير تفسيرات محكمة النقض على المحاكم الأدنى منها ،فهي تتأثر بها وتتقيد
بها ،مراعاة لمكانتها الأدبية والعملية والفقهية العالية ،فهذه المحكمة يجلس على منصتها
شيوخ القضاء
، وقد قرر القانون الفرنسي رقم 2001- 539 والصادر
في 25 يوليو2001 للقاضي الجنائي حق اللجوء إلى محكمة النقض لتحديد معنى نص وجد صعوبة
في تفسيره وفي حالة اتجاه القاضي ذلك ،فإنه يلتزم بإخطاره طرفي الدعوى بهذه النية ويوقف
نظر الدعوى الى حين وصول رد محكمة النقض ،والذي يجب أن يصل خلال ثلاثة أشهر من تاريخ
استلام الطلب.
الخاتمة
تناولت الدراسة الجريمة الالكترونية من منظور
المبدأ الدستوري المستقر في مصر وكل الدول المتحضرة وهو مبدأ الشرعية الجنائية، الذي
يقرر أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص .ونظرا لحداثة عهد الجريمة الالكترونية على مستوى
العالم وسرعة تطورها لسرعة تطور التقنيات المستخدمة فيها، والتى تتم عبرها، واجهت بعض
الدول المتقدمة ذلك بتشريعات تحدد الجرائم بركنيها المادي والمعنوي والعقوبة، وهي الدول
التي ظهرت التكنولوجيا الحديثة المستخدمة في تلك الجرائم في كنفها، وتحت سمعها وبصرها،
أما أغلب الدول التى استوردت تلك التكنولوجيا ومنها مصر فلا زالت تتخبط في طريقها فلم
تضع تشريعا جامعا شاملا ينص على كافة صور الجرائم الالكترونية الحالية، كما سيسمح في
المستقبل بإدراج أي صور جديدة تظهر تحت مظلته، فكل ما قامت به مصر حتى الآن إصدار مجموعة
من النصوص العقابية المتناثرة في عدد من القوانين المختلفة، الأمر الذي يجعل القضاء
المصري في حيرة من أمره، متسائلاً كيف سيتثنى له التعامل مع مرتكب الجريمة الالكترونية
في ظل غياب النص العقابي الذي يعاقبه صراحة عليهافي ظل ما يقتضيه تطبيق المبدأ الدستوري
الخاص بالشرعية الجنائية؟
وإنا لنرىأنه ليس أمام القاضي سوى إجابتان لهذا
التساءل، إجابة سهلة تكفيه العناء والبحث، و تتمثل في القضاء ببراءة المتهم في الجريمة
الالكترونية لعدم وجود النص العقابي الذي يجرم فعله، وهذه الإجابة بالطبع سيكون لها
أسوء الأثر على المجتمع لأنها ستساعد على انتشار الجريمة الالكترونية في المجتمع كالنار
في الهشيم، أما الإجابة الثانية فهي تعني الذهاب بمحض اختياره للعناء والبحث عن حل
قضائي لمواجهة المجرم الالكتروني ومحاكمته وذلك عن طريق محاولة تفسير النصوص التقليدية
بما يسمح له بإدارج الفعل الإجرامي المرتكب من المجرم الالكتروني تحت سلطانها وهو ما
سيساعد مؤقتا في مواجهة تلك الجرائم، حتى صدور تشريع ينظم هذه النوعية من الجرائم،
والباحث من جانبه يؤيد هذا الحل الأخير لكونه الحل المتاح حاليا ولكون تاريخ القضاء
الجنائي قد قام بفعل ذلك مسبقا عندما ظهرت جرائم لم ينص عليها قانون العقوبات، حتى
تنبه المشرع ونظمها بقوانين مستقلة مثل جرائم سرقة التيار الكهرباء، وجرائم دخول المطاعم
للأكل والشراب دون سداد الثمن، وغير ذلك من الجرائم ، إلا أنه على القاضي أن يتدخل
بالتفسير طبقا للضوابط المقررة من الفقه لذلك حمن أجل ألا يتحول من قاضي إلى مشرع،
فيجمع بين سلطتين تم الفصل بينهما حماية للحريات الفردية، كما يجب علي الجهاز القضائي
في الدولة أن ينظموا دورات تدريبية للقضاة بصفة دورية منتظمة تساعدهم في فهم التقنيات
الحديثة وكيفية استخدامها في ارتكاب الجرائم، مع استحداث دوائر جنائية متخصصة في هذه
النوعية من الجرائم ، وكل ذلك سيساعد في بناء مبادىء قضائية تسهم في مواجهة هذه الجرائم.
ومسك الختام تذكير بقول الإمام الشافعي عندما
قال:
كلما أدبني الدهر أراني نقص عقلي
وإذا ما أزددت علماً زادني علماً بجهلي …….تم
بحمد الله وتوفيقه
ثبت المراجع
د. إبراهيم حامد طنطاوى، د. علي محمود حمودة:
شرح الأحكام العامة لقانون العقوبات الجزء الأول النظرية العامة للجريمة، دار النهضة
العربية، دت.
د. أحمد فتحى سرور: القانون الجنائي الدستورى،
دار الشروق، ط2، 2002.
د. أيمن عبد الحفيظ: الاتجاهات الفنية والأمنية
لمواجهة الجرائم المعلوماتية، دن، 2005.
د. حسنى الجندى: شرح قانون العقوبات، دن،
1999.
د. حسين بن سعيد الغافري: السياسة الجنائية
في مواجهة جرائم الإنترنت دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، 2009.
د. خالد عبد الله الشافي: المبادىء الجنائية
الدستورية في النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية دراسة مقارنة، رسالة
دكتوراه، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، المملكة العربية السعودية،
2010.
د. خالد ممدوح إبراهيم: الجرائم المعلوماتية،
دار الفكر الجامعي، 2009.
د. رامى متولي القاضي: مكافحة الجرائم المعلوماتية
في التشريعات المقارنة وفي ضوء الاتفاقيات والمواثيق الدولية، دار النهضة العربية،
ط1، 2011.
أ. شمسان ناجى صالح ألخيلي: الجرائم المستخدمة
بطرق غير مشروعة لشبكة الإنترنت دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، 2009.
أ. عثامنية لخميسي : التفسير في المادة الجزائية
وأثره علي حركة التشريع، مجلة العلوم الانسانية، جامعة محمد خضيرة بسكره، العدد السابع،
فبراير 2005، بحث متاح علي شبكة الإنترنت علي موقع:
http://www.webreview.dz/IMG/pdf/20_L_explication_en_matiere_penale_Aathamnia-2.pdf
د. عمر سالم: شرح قانون العقوبات المصري، دار
النهضة العربية، 2010،
د. عبد العظيم مرسي وزير: شرح قانون العقوبات
، دار النهضة العربية ، دت.
د. عبد المهدى” محمد سعيد” أحمد العجلونى: قواعد
تفسير النصوص وتطبيقاتها في الاجتهاد القضائي الأردنى دراسة أصولية مقارنة، رسالة دكتوراه،
كلية الدراسات العليا ، الجامعة الأردنية، 2005.
د. مصطفي محمد موسي: التحقيق الجنائي في الجرائم
الالكترونية، ط1، دن، 2008
أ. محمد محمد شتات: فكرة الحماية الجنائية لبرامج
الحاسب الآلي، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2001
د. محمود علي أحمد مدنى: دور المحكمة الدستورية
العليا في استجلاء المفاهيم الأساسية التى يقوم عليها النظام القانونى المصري ” دراسة
مقارنة” رسالة دكتوراه، حقوق حلوان، 2015.
د.نائلة عادل محمد فريد قورة: جرائم الحاسب
الاقتصادية” دراسة نظرية وتطبيقية”، دار النهضة العربية، 2003-2004.
د. هدى حامد قشقوش: شرح قانون العقوبات، دار
النهضة العربية، 2010.
أ. هلال بن محمد بن حارب البوسعيدى: الحماية
القانونية والفنية لقواعد المعلومات المحوسبة” دراسة قانونية وفنية مقارنة”، دار النهضة
العربية، 2009.
د. هلال عبد الله أحمد: الجوانب الموضوعية والإجرائية
لجرائم المعلوماتية علي ضوء اتفاقية بودابست الموقعة 23 نوفمبر 2001، دار النهضة العربية،
2002.
تعليقات
إرسال تعليق