عُشَّاقُ لغَةِ الضـَّـاد، المقال الثاني ..بقلم الكاتب ماهر عبد الواحد
عُشَّاقُ لغَةِ الضـَّـاد، المقال الثاني ..بقلم الكاتب ماهر عبد الواحد
في معلقة امرىء القيس حَوالى عِشرين بَيْتا في وَصْفِ الحَبيبة ، لكن دعنا نبدأ بهذين البيتين :
تُضىءُ الظلامَ بالعِشاءِ كأنَّها مَنـارَةُ مُمْسى راهِــبٍ مُتَـبَتِّـلِ
إلى مِثلِها يَرْنو الحَليمُ صَبابَةً إذا ما اسْبَكرَّتْ بَيْنَ درعٍ ومِجْوَلِ
----------- تضىء الظلام إضاءَةً فالفعل المشتق منها قد يكون لازما وقد يكون متعدياً ، والفعل ضاءَ يضوء ضوءاً ، وهو لازم .
المنارة : المسرجة جمعها المناور والمنائر
الممسى : بمعنى الإمساء والوقت .
الراهِب : يجمع على الرهبان مثل راكب وركبان وراع ورعيان ، وقد يكون الرهبان واحدا ويجمع حينئذ على الرهابنة والرهابين كما يجمع السلطان على السلاطنة والسلاطين .
المتبتل : المنقطع إلى الله بنيته وعمله ، والبتل هو القطع ، ومنه قولهم مريم البتول لانقطاعها عن الرجال واختصاصها بطاعة الله ، ومنه قوله تعالى : " وتبتل إليه تبتيلا " .
والمعنى : أن الحبيبة تضىء الظلام بنور وجهها وكأنها مصباح راهب انقطع عن الناس ، وقد خص مصباح الراهب لأنه يوقده ليهتدى به عند تجوله، فنور وجه الحبيبة يبدد ظلام الليل كمصباح الراهب .
والبيت الثاني به من معاني الكلمات ما يلى :
الاسبكرار : وهو الطول والامتداد .
الدرع : هو قميص المرأة ، والجمع أدرع و دروع .
المجول : ثوب تلبسه البنت الصغيرة ( وقد اشتهر في الستينات تحت اسم الشوال ) .
يقول : إلى مثلها ينبغى أن ينظر العاقل المحب إذا طال قدها وامتدت قامتها بين من تلبس الدرع وبين من تلبس المجول ، أى بين اللواتى أدركن الحلم وبين اللواتى لم يدركن الحلم ، وقد ارتفعت عن سن الجوارى الصغار .
------------- لكن العجيب أن يختم امرؤ القيس مدحه لمحبوبته ببيت غاية فى الابداع والرقة حيث يقول :
تَسَلَّتْ عَماياتُ الرِّجالِ عَنِ الصِّبا وليسَ فُؤادي عن هواكِ بمُنْسَلِ
سلا فلان حبيبه يسلو سلواً ، وسلى يسلى سلياً ، وتسلى تسلياً ، وانسلى انسلاء أى زال حبه من قلبه أو زال حزنه .
العماية هى العمى ، وقد قال بعض اللغويين تسلت الرجالات عن عمايات الصبا أى خرجوا من ظلماته وليس فؤادي بخارج من هواها .
وقال بعضهم أن (عن ) في البيت بمعنى ( بَعْدَ ) ، تقديره : انكشفت وبطلت ضلالات الرجال بعد مضى صباهم ، بينما ظل فؤادي في ضلالة هواها ، وتلخيص المعنى أن : مع مرور الأيام والتحول الى الرجولة ومتطلباتها ينسى الرجال ذكريات الصبا حيث ينسى كل حبيب حبيبه القديم وينسى العاشق عشقه لكن صورتك وذكرياتك وجمالك مازال كل ذلك ماثلا أمام ناظرى لا يتركنى .
بقلم/ مـاهر عبد الواحـــــد (نشر بتصرف).
تعليقات
إرسال تعليق