رحلة بالمرعى!
رحلة بالمرعى!
بقلم
محمود سلامة الهايشة
اتَّفقَت البقرة
مع صديقتها النعجة بأن يقوما يوم الغدِ برِحلة تنزُّهيَّة في مناطق المرعى، مع شقشقَة
النهار، بدأتا رحلتهما فقابَلا الفرس.
فسألتهما:إلى أين أنتما ذاهبتان؟!
فردَّتا بصوت واحد:
سنذهب للتنزُّه.
هل تسمحان لي بأن
أصحبَكما؟
فابتسمت النعجة،
وقالت البقرة:
على الرُّحبِ والسَّعَة.
فانطلقن في سرور،
اقتربن من الترعة التي تشقُّ المرعى بالعَرض، فشربا فشربن وارتوين، فنظرت إليهما البقرة:
لم تجوعا؟ هل تناولتما
غذاء الإفطار قبل خروجكما مِن حظائركما ؟!
فقالت النعجة:
فعلاً أنا جائعة
جدًّا.
صاحت الفرس بصهيلها:
لا أبدًا، فأنا
لم آكلْ شيئًا منذ عصر الأمس عندما أنهيتُ العمل في الإسطبل، هيا بنا، هناك في نهاية
هذا الطريق المرعى الأخضر المزروع بالبرسيم الحجازي.
فصاحت البقرة:
ما أحلى البرسيمَ
الأخضر الشهي!
عندما وصلن لأول
المرعى، اتفقن على أن يَظللن بجوار بعضهن البعض؛ حتى يأكلن من مكان واحد ولا يُهدرن
في أكل البرسيم، أو يُخربن مساحة كبيرة مِن المرعى؛ لتركه بصورة جيدة لباقي حيوانات
المزرعة.
بدأن في الْتِهام
البرسيم، فوقفت النعجة والفرَس تنظران للبقرة وهي تمدُّ لسانها الطويل القوي ذا السطحِ
الخَشِن، تمدُّه خارج فمها وتسحب به البرسيم بكميات كبيرة لداخل الفم. فتوقَّفت البقرة
عن الأكل، وسألتهما:
لماذا لا تأكلان
وتَنظران إليَّ هكذا؟!
فسألتها الفرس:
لأنكِ تلتهمين
البرسيم بكميات ضخمة وبسُرعة!!
آه، هذا صحيح؛
لأني أمتلِك فكَّين قويَّين يتمُّ قفلهما وتقطيع النباتات، ثم البل بعد الخلط باللعاب،
كما تتميز جميع حيوانات الفصيلة البقرية (Bovidae) بوجود وسادة لحمية في الفك العُلوي.
وقبل أن تَنتهي
البقرة من حديثها، كانت النعَجة تُواصِل أكلَها، فوجدتاها تأكل البرسيم من مسافات قريبة
جدًّا من الأرض، فقالت الفرس:
أكيد النعجة يُمكنها
الرعي على مسافات قريبة من الأرض؛ لأن أرجلها قصيرة ورأسها قريبة من الأرض؟!
فردَّت البقرة:
هذا غير صحيح،
فأنا وأنتِ نستطيع أن نلمس الأرض برأسنا وفمنا، ونلحس الأرض بألسنتنا، هنا شيء آخر
غير ذلك!!
فرفعت النعجة رأسها
تاركةً البرسيم:
كلامك صحيح يا
بقرتي العزيزة، فقد حبا الله الفصيلة الغنمية (Ovidae) بشقٍّ في الشفَة العُليا؛ أي: شفاه
مَشقوقة، تُمكّنها من الرعي لمسافات قريبة من الأرض، وفي تناول الغذاء، خصوصًا المواد
المركزة والنباتات المُقطَّعة.
فقالت الفرس:
سبحان الله الخالق!
فتتميَّز الفصيلة الخيليَّة (Equidae) التي أنتمي إليها - ومنها بالطبع الحمير - بشفاه غليظة، نجمع بها
المواد الغذائية، خصوصًا الموادَّ المطحونة أو النباتات المقطعة.
فقاطعتْها البقرة:
وهل لديكِ وسادة
لحميَّة في الفكِّ العُلوي مثلي؟
لا؛ لديَّ قواطع
على الفكِّ السُّفلي والعُلوي، تُمكِّنني من تقطيع النباتات قبل تناوُلها أثناء الرعْي،
الشفاه تَندفع للخَلف فتتمكَّن الأسنان مِن قَطعِ الحشائش قرب قاعدتها.
فقالت لهما النعجة:
عمومًا نحن الثلاث
مِن الحيوانات آكلة العُشْب (herbivorous).
تعليقات
إرسال تعليق